أقلام ثقافية

جمع الجمع فى اللغة العربية

الكلمة فى العربية من حيث العدد تنقسم إلى مفرد ومثنى وجمع. وجاء سماعا عن العرب أنهم فى بعض الكلمات يجمعون الجمع، وهذا ما يسمى بجمع الجمع. وهو سماعى كما ذكرنا، فلا قاعدة يُقاس عليها. وهذه الكلمات التى نطلق عليها جمع الجمع، هى كلمات موروثة عن السابقين، وهى قليلة العدد. وقد عمد القدماء إلى هذه الظاهرة بهدف المبالغة والزيادة، فكأن الكلمة فى جمعها لا تكفى للتعبير عما فى النفس من زيادة أو كثرة ومبالغة، عندئذ عمد القدماء إلى جمع الجمع ليفى بالغرض. ومن أبرز العلماء الذين تناولوا هذه الظاهرة، نجد أبا حيان والمبرد والإبيارى.

ومن أبرز هذه الكلمات، نجد:4798 جدول جمع الجموع

ملاحظات فى جمع الجمع

1 – قد يتشابه عند البعض جمع الجمع، بجمع المؤنث السالم، مثل كلمات: رجالات، سادات. والفرق هنا بين جمع الجمع وجمع المؤنث السالم، هو أن جمع الجمع مفرده ليس كلمة مؤنثة، أما جمع المؤنث السالم فمفرده كلمة مؤنثة. وهذا هو الفارق الجوهرى بينهما. ومن الملاحظ أن البعض تنزلق به القدم فى مثل هذه الكلمات، فيقول إنها جاءت على جمع المؤنث السالم شذوذا، أو إنها جموع شاذة. وكلا الرأيين وقع فى المغبة، فلا هى جاءت جموعا مؤنثة ولا هى توصف بأنها شاذة. وإنما هى كلمات جمع الجمع جاءت على صورة جمع المؤنث السالم وليست جموع تأنيث سالمة. فالضبط الاصطلاحى أمر لازم، ولابد أولا من التحليل اللسانى القائم على العلم والمنهجية والبحث المتروى.

2 – استعمل القرآن الكريم ألفاظا من جمع الجمع، وهذا دليل لتسويغ صحتها وثبوتها فى اللسان العربى. ومن ناحية أخرى هو دليل دامغ يقطع القول بأنها جموع شاذة، فالقرآن لا يحوى شاذا ولا يستعمل شاردا. ومن ذلك قوله تعالى {إنَّها ترمِى بشَرَر كالقصْر كأنَّه جِمِالاتٌ صُفـْرٌ} [المرسلات / 32، 33]. وقوله تعالى {وقالوا رَبَّنا إنَّا أطعْنَا سَادَتنَا وكُبرَاءَنا فأضلونَا السَّبيلا} [الأحزاب / 67].

3 – كلمات جمع الجمع التى تأتى على صورة جمع المؤنث السالم، لا تأخذ علامات إعراب المؤنث السالم، وإنما تأخذ علامات إعراب جمع التكسير. وهذا دليل دامغ آخر على أنها ليست جموع تأنيث أو جموع تأنيث شاذة. وشاهد ذلك قوله {سادتنا} فى الآية السابقة، فإن اللفظة فى موضع نصب، فلو أنها جمع مؤنث سالم، لنصبت بالكسرة، لكننا نراها فى الآية الكريمة منصوبة بالفتحة.

4 – الشعر العربى عبر تاريخه يستعمل صيغة جمع الجمع، ومن ذلك:

قول كعب بن زهير:

فلا تأخـذنــى بأقــوال الــوشــاة

ولم أذنب، ولو كثرت عنى الأقاويل

وقول المتنبى:

لك علىَّ أيادٍ سابغة

أعُدُّ منها ولا أعددها

وختاما نرجو أن نكون تناولنا هذه الظاهرة اللغوية بتبسيط وعلمية، يفيد منها المتلقى.

***

د. أيمن عيسى - مصر

في المثقف اليوم