أقلام ثقافية

قبعة اللامحدود.. أنطلوجيا قصيدة النثر (1)

صدر عن دار تأويل: العراق – السويد كتاب للأستاذ علاء حمد بعنوان:

قبعة اللامحدود.. أنطلوجيا قصيدة النثر

يقع الكتاب في 494 صفحة / حجم كبير.ة وقد شارك فيه 56 شاعراً ومن بلدان مختلفة: العراق وسورية والمغرب وتونس وفلسطين والبحرين. وقد حلت الكاتبة والصحافية البرازيلية Zenaide Santos SA ضيفة عزيزة علينا...

جاء في مقدمة الكتاب

نبحر مع اللامحدود، لكي لانصطدم بالأشياء التي تعيق الأحلام وتلقائية القول الشعري؛ فالطائر في الفضاء، حرّ وطليق لاتوقفه شارة ولا غيمة ولا شارع، وتحديقاته حرّة لذلك يتجه باتجاهات عديدة، ويستقرّ على ناصية مرغوبة بالنسبة لرحلته الفضائية.. فالشاعر كالطائر يتكئ على ناصية تؤدي إلى أريحية التحديق بين الرؤية والرؤيا، ومن خلال هذه المساحة الحرة يتحرر المتخيل ويتحرر المحسوس؛ ويشكلان علاقة بركانية بإيجاد التصورات والتصاوير الملتقطة من البعد الخيالي والاعتناء باللحظة التي لها تأثيرها اللحظوي بابتكار الصور المؤدية إلى منظومة الدهشة، فكلّ حقل دهشوي له خاصيته في الحقول الذاتية، لذلك خلف كلّ نصّ جديد متخيل مستجد، وخلف كلّ نصّ ذات عملت على التكيف مع العلاقة الجديدة لتراسل الحواس وتعتني بالممكنات المحيطة بها..

شعراء الزاوية الحادة، انطلقوا بنصوص انفرادية وكلّ شاعر له مساحته وعنونته الخاصة به، فهم مجموعات مختلفة عن الواقع الذي نعيشه، لذلك اعتنوا بالمؤسسة الجمالية وتجاوزوا المألوف وهم يميلون إلى اللامحدود؛ لكي يكونوا طيورا محلقة في الفضاء الشعري، والتمرّد سمة من سماتهم، ومن خلال علاقاتي مع النصّ أو مع من كتب تلك النصوص، تراهم بمستوى من الوعي الذاتي فاقترب الخلق الجمالي منهم أكثر وأكثر، وكلّ شاعر كوّن خاصية من خصوصيات المعرفة النصية ليحلق بكعب عالي، ويكسر مساحة الخطاب العادي، وينتمي إلى فرادة الوعي الشعري..

اعتمدنا على قسم من الشباب بنتاجاتٍ نوعية ولهم حضورهم الفعال في كيفية إنتاج الخطاب النوعي بحيث يكون منصفا في الأبعاد الشعرية؛ إذ تدخل الأبعاد وتتلقفه وتدخل في صميمه، مما يكوّن مساحة واسعة من البعد الخيالي، فينحصر المحدود برؤية الشاعر وتنفلت العلاقات المحدودة مع علاقات جديدة لايخمّنها إلا المبحر في النصّ النوعي كي يلامس التجديد الطارئ على كلّ لحظة من لحظات التأليف النصي..

لايعتمد فعل اللامحدود على هدم اللغة، بل صياغتها بالشكل الجديد خارج الثقل العقلاني، وقد اعتمد السرياليون على تجديد اللغة وتجديد الخطاب، لذلك آمنوا بتحرير اللغة ومن خلالها تمّ تحرير الخيال (( السريالية لم تكن تنشد متعة التحرر من كوابح جمالية أو تقنية مفروضة أو موروثة، بقدر ماكانت تعزز الطرائق المدروسة لتضمن للغة حرية الفعل .. أو كما عبّر الشاعر السريالي البلجيكي بول نوجيه قائلا : إنّنا نعين للغة وللأشكال وظائف أخرى تختلف عن تلك التي اعتدتّ عليها . وذلك من أجل تكريسها لمهمات جديدة -السريالية في عيون المرايا - ص 115 – ترجمة وإعداد : أمين الصالح))..

شعراء الزاوية الحادة، كانوا معنا أربعة وعشرين شاعرا، وقد آمنوا بما ذكرناه الآن، وما اعتمدنا عليه من تفسير وتفكيك، مستندين إلى فعل اللامحدود في رحلتنا الكتابية، وقد ناشدنا بعض المصادر المهمة لكي نكون بنشاط وفعالية أقوى، لذلك نحتفظ بالتشديد التصويري وننتمي إلى ولادة الحداثة، ونتجاوز العصيان والطرق الوعرة التي لاتؤدي إلا إلى المزيد من التعقيدات، فانسيابية المحسوس الداخلي، هو دليل الانتماء إلى العناصر الحديثة، لذلك يحتفظ الشاعر بسلطة الذات والعمل على تحولات جديدة، ذات غير مطروقة، تتجدد مع كلّ نصّ مستهدف من قبلها، فينصب الشاعر مرآته باستبصارات أعمق.. فالدعوة التي كتبها الشعراء، هي إعادة ترتيب النصّ بعلائق نصّية، كي تكون المواجهة، النصّ مع النصّ، والذات مع الذات..

لقد بحث البعض من الشعراء في أسرار اللغة وذلك من خلال الكلمات التي وجهتها اشتغالاتهم الداخلية والتي حوت على عدة معاني، ومن هذه الوقفات بلوغ الشيء أمام الشيء، لكي يخطو الشاعر بمهام جديدة ويميل إلى أسلوب التركيب اللغوي، حيث يؤدي إلى مصطلحات وتأويلات غير مطروقة مما تُشعر المتلقي على أنّ كل ماهو أمامه ينتمي إلى الجديد، فالمعاني العجائبية والابتكارات، تنبت بعالم خاص تختاره الذات الجديدة، لذلك تكون سلطة الذات سلطة فردية وإذا كانت سلطة جماعية فسوف نفقد حركة النصّ وحركة الذات، حيث نعتبر حركة الذات ذات فعالية بإيجاد الكوامن وخروجها من خلال النصّ الشعري والذي ربما يعاصره الكثيرون وينتمون إلى حركته المبنية على آليات وتقنيات وأرضية خصبة ضمن الوعي الشعري، وهيمنته على النصّ الحديث..

***

في المثقف اليوم