أقلام ثقافية

صرخة مسرحية مدوية في الناصرة ومنطقتها

تقتحم مسرحية "الارملة السوداء" عالم المرأة العربية في بلادنا، بجرأة وشجاعة، وتتطرق في صلب محورها إلى أوضاع هذه المرأة في مواجهة مجتمع ذكوري اتكالي كثيرًا ما يقمع إنسانيتها ويضطهدها حتى كأنها تفقد وجودها وكينونتها. هذا ما اتضح من عرضها الاحتفالي الأول مساء أمس السبت ( 4-2-2023)، في كيبوتس المزرعة، بحضور حشد واسع من الاهل والاصدقاء وقف في مقدمتهم عدد من  رجال الفن والمهتمين وشداة الفن.

المسرحية من انتاج مسرح الخيال النصراوي. كتابة سعاد زعبي ودانا أبو دبي، سينوغرافيا وإخراج محمد سليمان منادرة، مساعد إخراج نجد منادرة، الرسم الهندسي للديكور ربيع عادل أبو ربيع، تنفيذ ديكور خالد سيلاوي، موسيقى معين دانيال، تصميم أقنعة عنات سندروفيتش، مساعدة إنتاج أروى أحمد، تمثيل الفنانات: سعاد زعبي، سمر أبو ريش، ومريم أبو فرحة.

تدور أحداث المسرحية حول مُعاناة ثلاث نساء من بنات مجتمعنا، ذقن الامرين من التعاملات المهينة معهن، ما أثّر على حياتهن وسلوكياتهن بصورة جذرية وسلبية في الآن. تواجه كل من هؤلاء النسوة وضعها السيء المُزري بطريقتها الخاصة، وغير الشرعية، ونلتقي بهن وكلٌّ منهن تقف وراء سجنها الشخصي الشامل، سواء كان جسديًا وجوديًا أو روحيًا معنويًا. تعمل هؤلاء النسوة في شركة ثري محدث يتمحور عملها في التداول في سوق العملات الرقمية الافتراضية، ويتعرّضن إلى مخاطر تتمثل في ذروة التطور الدرامي للمسرحية في تعرض بيت إحداهن ( نيروز، الأخريان تدعيان عليا وهبة)، لإطلاق نار من أحد المغبونين الغاضبين على العمل غير الشرعي للشركة والمتضررين من عملها. المسرحية تنتهي الى تمرد هؤلاء النسوة كل بطريقتها وموقعها، لتمثل المسرحية بهذا صرخة احتجاجية تهدف في عمق ما تهدف إليه، إلى إنصاف المرأة واعطائها دورها اللائق بها في المجتمع.

المسرحية بهذا تغترف من نهر الواقع اليومي المعيش، في مجتمع يعيش فترة انتقالية، وتحاول أن تقرع ناقوس الخطر مُنبهةً إلى ما تتعرض إليه المرأة من إيذاء نفسي وروحي، ما يؤثر بالحتم على الكينونة المجتمعية السليمة المنشودة لمجتمعنا عامة.

مؤسس مسرح الخيال ومديره الفنان محمد منادرة، لفت في كلمته الختامية للعرض الاحتفالي، إلى أهمية القضية التي أثارتها المسرحية، وركّز من الناحية الفنية على الأقنعة وما وقف وراءها من رموز هدفت للإشارة إلى دواخل الشخصيات من ناحية وما خالجها من تشوهات مسيئة ومؤذية من ناحية أخرى.

***

كتب: ناجي ظاهر

في المثقف اليوم