أقلام ثقافية

هواجس الاغتراب في ديوان: غربة ناي لمجيدة البالي

اختارت الشاعرة المغربية المهجرية مجيدة البالي، كعنوان لباكورة أعمالها الشعرية عتبة "غربة ناي"، واضعة القصيدة فوق كل الأشياء، وعلى نحو من السمو والقداسة، حتى أنها أي القصيدة لتسمو على الحياة بحد ذاتها.

فهي صانعة تلك العوالم الموازية المانحة لمنظومة من التوازنات والتصالحات في شموليتها.

من خلفية الشاعرة تعتبر الكتابة إجمالا أكثر من مجرد ضمادات للذات المبدعة، إنما قد تتخطى ذلك إلى أسلوب الحياة الذي قد يترجم هشاشة الكائن في العمق.

هذا الكائن الذي يخدش وجوده أقلّ ما في الأقل، وتعكر مزاجه أدقّ التفاصيل الحياتية.

من هنا هذه الشكوى الأنيقة، والابحار الإبداعي ضدّ تيار أحاسيس الغربة والاغتراب، تسترسل شاعرتنا في جردها ضمن حدود ميكانزمات السهل الممتنع، محاولة الابتكار في الصورة الشعرية والرؤى والمعاني.

الكتابة ليست مجرد تصريف للمكابدات، فهي مواقف من واقع الاضطهاد والقمع والتغريب الروحي بالأساس.

لذا فإن نبرة الديوان هذه والمندورة لخطاب الغياب، وإن تلبسها النزوع الرومنسي، فهي ترقى شعرية إلى مناهضة شتى أشكال الاستعباد والميز الذي قد يعصف بأولويات المهاجر العربي، ويحوّل أحلامه إلى رماد.

وهي رؤية تقود إلى النجاح في بلاد المهجر ونزع الاعتراف بجدارة واستحقاق.

مجموعة" غربة ناي" باكورة للشاعرة المبدعة مجيدة البالي، صدرت حديثا عن عبور الثقافية للنشر، وتمت طباعتها في دهاليز مطبعة النور، من قلب مدينة أوطاط الحاج القصية.

المجموعة من القطع المتوسط وتقع في 108 صفحات، صمم غلافها الشاعر والفنان المغربي الجميل نور الدين الوادي.

من طقوسها، نقتطف التالي:

جرب

أن ترمیك في نص طویل

و من أقرب جار

اطلب عشاءك الأخیر

ابك بحرقة إذا ما شئت و قبًل

جبینك المنعكس على الزجاج

دع یمناك بحرقة

تسلم على یسراك

وانصرف منك...

فقط جرب

أن یقرأ غیرك النص

بصوت مرتفع

و أن تنصت بإمعان شدید

لخروجك العاري و صدق

أنك حقا لصیق الغیاب.

***

أحمد الشيخاوي

 

في المثقف اليوم