أقلام ثقافية

الممالك الثلاث

في أواخر أسرة هان (202 ق.م ــــ220 م)  وقع تمرد كبير وعنيف من طرف الفلاحين اختلف عن جميع الثورات التي اعتادها أباطرة الهان عُرف في التاريخ باسم تمرد العمائم الصفراء تزَعمه ساحر سيء السمعة، شرير، قاسٍ وقد كان هذا الساحر يعتقد المذهب الطاوي فأمر الإمبراطور القادة أن يحاربوا ويقمعوا هذا التمرد، لكن أولئك القادة الطموحين استغلوا فرصة الفوضى فعملوا لأجل تعزيز مراكزهم والاستقلال بالأقاليم التي كانوا يحكمونها ..

ودَخلت الصين فيما يسمى بعصر الممالك المتحاربة (220م -281م) ؛ صراعات داخلية في البلاط الإمبراطوري بين النساء والوزراء والمحظيات والمستشارين، وصراع أشدّ وأعنف في السهول وعبر الجبال وبجانب الأنهار بين الفرسان والقادة والجنود، ودَفع الشعب ثمن ذلك الانقسام فانتشر التقتيل والمجاعة والانهيار الاقتصادي ..

فالصين التي استمرت متحدة لمدة طويلة تحت لواء أسرة هان انقسمت الى ثلاث دويلات رئيسية تتصارع فيما بينها دولة تُدعى وُي ومؤسسها تساو تساو القائد العسكري المشهور، ودولة شو ومؤسسها القائد العسكري ليو بيه، والدولة الثالثة في الجنوب يقودها شو يوُ..

وبعد أكثر من  أربعة عشر قرناً جاء كاتب عبقري من أسرة مينغ اسمه لو غوانغ تشونغ فاتخذ من مادة تلك الفترة موضوعا لروايته الممالك الثلاث، التي تُعتبر من روائع الأدب الصيني، إذ لم تكن أحسنها، أجودها وأروعها، حتى أن بعض الصينيين يضعونها في مكان أسبق ومتقدم على رواية حلم الغرفة الحمراء !

تحوي الرواية 120 فصلاً  حول الحروب التي أعقبت تفكك أسرة هان وظهور الممالك الثلاث القوية التي تقاسمت الصين آنذاك وُي، شو و وُو..

والرواية تنبض بالحياة والحركة، وشخصياتها قلقة، غير هادئة، وصفحاتها تمتلئ بالصراع بين الأمراء والقادة الشجعان ذوو الطموحات الكبيرة ..

وإن كانت الحقائق التاريخية تنتصر لأسرة وُي فإن الكاتب في هذه  الرواية ينتصر لشو وأميرها ليو بيه ..

وتظهر في الرواية الكثير من الشخصيات الشجاعة الطموحة التي يتناقل الصينيون سيرها وصورها عبر العصور حتى اليوم.

ليو بيه وصديقاه المخلصان قوان يي الهادئ، الطيب والمخلص ذو اللحية الطويلة ، و تشانغ فيي الشجاع المتهور ..

ومن أسرة وُي قائدها الطموح، الماكر والأناني تساو تساو ..

وسون تشيوان أمير دولة وُو في الجنوب ..

المُخَطِطْ العسكري العبقري كونغ مينغ  الذّي خدم في بلاط ليو بيه ..

تزاو تزي لونغ القائد الشجاع الذي أنقذ ابن ليو بيه وهو رضيع صغير، والذي طال به العمر حتى بعد وفاة ليو بيه ورفيقيه وانتقال الحكم الى أولادهم ..

والرواية أصلا تعج بالشخصيات والحركات المتسارعة لكنها تنتهي  بموت جميع أبطالها الأشرار أو الطيبين وانتقال الحكم والقيادة الى أولادهم ولم يستطع أي واحد منهم توحيد البلاد تحت رايته وإنما تأسست على أنقاض تلك الحروب والدمار أسرة جين (265م ـــ 420 م)..

***

عبدالقادر رالة

في المثقف اليوم