أقلام ثقافية

مَن قتل الشعر؟!!

هاتفني صديق متسائلا فقلت له: "لا أنيسٌ يسمع الشكوى، ولا خبر يأتي، ولا طيف يمر..."، فحسب ما قلته من تأليفي!!

فقلت له: ألا تذكر هذه القصيدة التي حفظناها في مرحلة المتوسطة؟

وقلت فورا لتجنب إحراجه إنها لمحمود سامي البارودي!!

ضحك صديقي وقال الآن تذكرت وراح يعيدها على مسامعي.

وأحد النقاد المعروفين ينشر: " ما أكثر الشعراء وأقل الشعر"، وهو ناقد عريق ومعروف في الأوساط الثقافية، وأظنه أخطأ فالصائب، ما أقل الشعراء وأقل الشعر.

وصديق آخر يكتب: " لا أقرأ شعرا بل هذيانات في الصحف والمواقع"!!

وأحدهم يصرخ: "هل مات الشعر؟"

زميلي في كلية الطب كان مولعا بالشاعر الفلسطيني سميح القاسم، ولا يحفظ له شيئا وإنما يقرأ المكتوب.

وفي شبكات التواصل الإجتماعي يطغى الشعر الذي يسميه الحداثوين بالكلاسيكي.

فما كُتب على أنه شعر منذ بدايات النصف الثاني من القرن العشرين، لن تجد له آذانا صاغية ولا ذاكرة واعية، ويغيب عن صفحات التواصل المعاصرة.

مَن هو الشاعر؟

لا يوجد تعريف واضح، وكأنه توصيف يخترعه الشخص لنفسه ويدّعيه!!

ما هو الشعر؟

تعددت التعريفات والمعنى واحد!!

ومَن قتل الشعر؟

أدعياء الشعر، من الذين ركبوا أمواج الآخرين، وتوهموا التجديد بالتقليد!!

هل يصح قول المعري: " وإني وإن كنت الأخير زمانه...لآتٍ بما لم تستطعه الأوائلُ"؟

لا أظن أحد يمكنه أن يتفوق على السابقين في الغزل والحكمة والمديح وغيرها من أغراض الشعر، التي بلغوا فيها أعلى الذرى.

فما هو المطلوب؟

شعر متفاعل مع الواقع بعيدا عن وهم "المعنى في قلب الشاعر"، فالواقع يتبدل والأيام تتغير، ويجب أن تلد شعرا متوافقا معها، لا منقطعا عنها، ومحلقا في متاهات نخبوية، وكأنه مكتوب للنجوم في السماء.

الشعر يجب أن يلامس شغاف القلوب، وينوّر العقول، ولا يتخبط في مدارات الرمزية والغموض والإبهام والإنقطاعية والنرجسية.

الشعر عليه أن يوثق نبضات الأيام، ومسارات الأحلام، لا أن يتحول إلى ركام على السطور وفي دواوين ينام.

الشعر لا يموت لأنه نبض الأعماق البشرية، وما دام البشر يسعى فالشعر يحيا، وعليه أن يولد من روح حيٍّ خريد.

فأين الشعر، يا أمة " الشعر ديوان العرب"؟

فهل صار الشعر بهتان العرب؟

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم