أقلام ثقافية

بنيامين يوخنا دانيال: سياحة مراقبة الطيور البرية في السودان

تعد سياحة مراقبة الطيور البرية أحد أشكال السياحة البيئية المنتشرة على نطاق واسع في الكثير من الدول الزاخرة بأنواع الطيور المقيمة والمهاجرة، وتحوز على نسبة عالية من إجمالي النشاطات السياحية المختلفة السائدة فيها في ظل تنامي الوعي بأهمية البيئة داخليا وخارجيا، ومن هذه الدول كوستاريكا وكينيا ومصر (تستقبل سنويا نحو 400000 سائح بهدف مراقبة الطيور وفيها 34 موقعا جاذبا للطيور)، وبورتوريكو واستراليا والأردن (فيها 27 موقعا لمراقبة الطيور التي تحتل 9،5 % من إجمالي مساحة البلاد)، وتركيا. وقد حققت عائدات مالية عالية بالنسبة لهذه الدول وللسكان الذين يقطنون المناطق المتميزة بطيورها البرية، أو بالقرب منها (كما في محمية كورشينيتي على بحيرة مانياس التركية والقيوم بمصر وتستقبل 400 نوع من الطيور المهاجرة والعقبة في الأردن وتحقق نحو 5 ملايين دولار سنويا)، فصارت وجهات رائعة لمراقبة الطيور ومشاهدتها وتتبعها ورصدها ومتابعتها وتصويرها ورسمها وتوثيقها ومقارنتها ودراستها، ووفقا لضوابط وتعليمات خاصة تنظم هذه الهواية الرائعة الصديقة للبيئة، وعلى ضوء قواعد الاستدامة المعروفة الداعية على صون وحماية الموارد واستخدامها برشد وعقلانية، لتصل إلى الأجيال اللاحقة أكثر قيمة ومنفعة، وعملا باتفاقية الأنواع البرية المهاجرة المعروفة اختصارا ب (سي ام اس) أو اتفاقية (بون)، وأيضا اتفاقية التنوع البيولوجي وبالتنسيق مع المجلس العالمي للطيور وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي المعروف اختصارا ب (يو ان دي بي).

أما السودان فيعتبر واحدا من أهم طرق هجرة الطيور في أفريقيا والعالم (شريك في مشروع الطيور الحوامة المهاجرة من أصل 11 دولة / برنامج الأمم المتحدة الإنمائي / صندوق البيئة العالمي)، ومحطة لكثير من الطيور المحلقة المهاجرة. وهو بمثابة مشتى دولي مهم لمختلف أنواع الطيور. وترد اليه عشرات الاف من الطيور، وفي رحلات موسمية في العادة، وبهدف المناخ المناسب والطعام الغزير والتزاوج، قاطعة مسافات طويلة قد تبلغ آلاف الكيلومترات ولعشرات الساعات. مثل اللقالق التي تنطلق إما من روسيا وإما من آسيا عبر البحر الأحمر، وتصل السودان في 30 آب من كل عام، لتكتمل إلى دلتا أوكافنجو في بوتسوانا.

و توجد في السودان نحو (850) فصيلة طيور مهاجرة منتشرة في كل أنحاء البلاد، ومنها الغابات والسهول والسافانا والصحارى والأراضي الرطبة والجبال والوديان، ويأتي معظمها من القطب الشمالي، لتمر عبر أوروبا والبحر الأبيض المتوسط. وتشكل بذلك أهدافا دائمية لهواة الصيد بالدرجة الأساس، ولهواة مراقبة الطيور على نحو متواضع، بسبب عدم استغلالها واستثمارها في الأنشطة والبرامج السياحية بالشكل المطلوب، وعلى نحو مستدام، ولتقليل المخاطر والتحديات الجدية التي تواجهها، والمتمثلة في تقليص مساحة المستنقعات والقطع الجائر للأشجار لتأمين الحطب وفحم الوقود، والاستخدام المبالغ فيه لمبيدات الآفات الزراعية بهدف التخلص من الحشرات والنباتات الضارة، فتطال أضرارها الطيور والفراشات والديدان والنحل وغيرها، ويهدد التنوع الاحيائي (نظمت الجمعية السودانية للحياة البرية في 1 نيسان 2015) ورشة عمل موسعة بخصوص الموضوع). بالإضافة إلى عدم كفاية الاحصائيات والبيانات والدراسات الخاصة بها، وقلة المنظمات الحكومية وغير الحكومية المعنية بالطيور المهاجرة بصورة عامة، وبسياحة مراقبة ومشاهدة الطيور على وجه الخصوص.

***

بنيامين يوخنا دانيال

الخرطوم – السودان في 15 تموز 2016

في المثقف اليوم