أقلام ثقافية

بنيامين يوخنا دانيال: السياحة في الدول الجزرية الصغيرة النامية

تحت وطأة التغيرات المناخية

للسياحة في معظم الدول الجزرية الصغيرة النامية المنتشرة في البحر الكاريبي والمحيط الهادي والمحيط الهندي وأفريقيا والبحر المتوسط وبحر الصين الجنوبي أهميات اقتصادية كبرى من حيث مساهمتها العالية في الناتج المحلي الإجمالي (83 % من الناتج المحلي الإجمالي في أنتيغوا وباربودا و50 % في باهاماس و43 % في سانت لوسيا)، ورفدها لخزينة الدولة بالنقد الأجنبي الضروري لتنفيذ خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وخلقها لفرص العمل الدائمة والمؤقتة (90 % من سكان أنتيغوا وباربودا يعملون بالسياحة)، ودورها في الحد من البطالة والفقر والهجرة وتحقيق الرفاهية، ومساهمتها في تحقيق التوازن والموائمة بين القطاعات الاقتصادية الأخرى، مثل النقل والصيد البحري والزراعة والحرف اليدوية. ووفقا ل (منظمة السياحة العالمية) التابعة للأمم المتحدة فإن هذه الدول قد استقبلت في عام 2011 نحو (41) مليون سائح دولي، وحققت إيرادات بقيمة (38) مليار دولار أمريكي، وان السياحة تمثل (75) في المائة من صادرات (15) دولة من هذه الدول و(50) في المائة ل (13) دولة. وبحسب منظمة الأمم المتحدة فإن الدول الجزرية الصغيرة النامية الواقعة في منطقة الكاريبي تستقبل وحدها سنويا قرابة (21) مليون سائح دولي، وتشكل السياحة (30 %) من اجمالي صادراتها.                        

أما تأثر السياحة في الدول الجزرية الصغيرة النامية بظاهرة التغيرات المناخية والاحتباس الحراري فكبير رغم صغر حجم بصمتها الكربونية ومساهمتها القليلة في انبعاثات الغازات الدفيئة (غازات الاحتباس الحراري) المسببة للظاهرة (تساهم الدول الجزرية الصغيرة النامية بنسبة أقل من 1 % من اجمالي الانبعاثات الكربونية على مستوى العالم وفقا لخبراء المناخ وبنسبة 0،01 % لتلك الواقعة في المحيط الهادي). ويعزى ذلك إلى أنظمتها البيئية الهشة، وقلة الإمكانيات والموارد اللازمة لمواجهتها بالنسبة للكثير منها، واعتماد السياحة فيها بالدرجة الأساس على الأنظمة الايكولوجية والموارد البيئية والمغريات الطبيعية، مثل الشواطئ والشعاب المرجانية (أصيب كامل الشعاب المرجانية في بعض المناطق من البحر الكاريبي بالابيضاض من جراء التغيرات المناخية. ويتوقع الخبراء أن تصاب 90 % من اجمالي الشعاب بحلول 2030 و100 % بحلول 2050). وغابات المانغروف (الايك البحري) (فقدت أنتيغوا وباربودا خلال 1980- 1990 نحو 83 % من غابات المانغروف) ومواقع التراث العالمي الطبيعية والثقافية (32 موقعا مسجلا على قائمة اليونسكو)، وبسبب جغرافيتها وخصائصها الاقتصادية والاجتماعية بحسب معهد الأرض – جامعة كولومبيا الامريكية. ولو أخذنا (أنتيغوا وباربودا) على سبيل المثال نجد أن أعاصير (لويس ومارلين) في عام 1995 قد تسببت بفقدان سبعة آلاف شخص لوظائفهم من أصل (68349) شخص وفقا للإحصاءات الوطنية، ويمثل الرقم الأخير عدد السكان في السنة المذكورة، مع تراجع التدفقات السياحية اليها بنسبة (17) في المائة، والحاق أضرار بليغة بمعظم المنتجعات السياحية والبنية التحتية للبلاد.

***

بنيامين يوخنا دانيال

                    

في المثقف اليوم