أقلام ثقافية

حسين صقور: تحت ظل القمر..

رغم ما يتسم به العمل الإبداعي من فردانية و فرادة لا يمكنه أن يحيا بغير وعي جمعي وجماعي لقيمته التصاعدية.. وعي نابع من إحساسنا بالمسؤولية اتجاهه واتجاه موروثنا الثقافي واتجاه وطن كان مهدا للحضارات يوما ما وصدرها لتعبر عباب البحر نحو بلدان كانت مجهولة وصارت اليوم هي الإولى.. نعم.. لقد قطعنا عباب البحر وحين العودة غرقنا.. نعم قطعنا..على متن سفينة فينيقية ومركب.

ذات حلم أمطرت السماء وغمرت النفوس بالمحبة والتعاون والعطاء

ذات حلم مسحت الأمطار الحدود لتزهر الأرض مع فجر يوم آخر موعود مزركشة فوق الأخضر ب الفراشات والورود والعنبر..

ذات حلم تعطرت أنفاسي بحب الحياة وصرت أصلي لرب الأرض والسموات أن يوفقني لأكمل رسالتي فيما عقدت العزم عليه..

إذ كانت الدروب واضحة إليه..

ذات حلم أردت أن أجعل منه حقيقة.. ورسمت الأفكار الموصلة إليه ثم الحلول لمعظم الإشكالات المتوقعة في دقيقة..

ثم.. ثم.. ثم ماذا..

أيقظتني تلال الأشواك على واقع مر كالحنظل.. وسألت نفسي ذاك السؤال العالق جوابه في ذاته وعلى ألسنة العامة من المحبطين

(ضمن ذاك الكم الهائل من الفساد المترابط والمرتبط بالمصالح والعلاقات وما تفرضه من تحديات وإقصاءات.. ماذا أستطيع أن أفعل؟ من السائل ومن المسؤول؟!

لم تكن تصوراتي مغايرة..

ولكن كنت أعتقد أني قادر على التأثير والتغيير.. كنت كلما فتحت نافذة يبنى مقابلها جدار..

من المسؤول عن إيقاف عجلة الحياة؟..

من المسؤول عن إشعال الأحقاد و الضغائن ونشر الظلمة والظلام من المسؤول عن قتل الحمائم في مدن الشمس وفي أم المدائن؟

من المسؤول عن تعكير صفو الحياة والرواق؟

من المسؤول عن ضخ كل هذا السم والوباء؟.. من؟

ما أصعب أن تحيا غريبا في وطن لا مكان لك فيه

تنزوي في ركن منسي تحت ظل القمر تسكب دموعك فوق ركام أحلامك وتمضي مستسلما للقدر

بلا أمل بلا عمل بلا هدف يشعل جمرة الحراك في ذاتك في أنفاسك في تخيلاتك..

كما جسد بلاروح.. تنتظر الموت و مابعد الموت..

تعد الثواني والدقائق تعد الساعات والأيام.. تحلم بالعودة لغفوة.. طويلة مديدة.. مديدة طويلة.. تبدأ من الأرض وتنتهي إلى السماء.. مديدة طويلة.. طويلة مديدة.. لا يتخللها حلم أو مطر أو داء

***

الفينيق حسين صقور

في المثقف اليوم