أقلام ثقافية

علي حسين: العميد في تونس

يتمتع عميد الادب العربي طه حسين بمكانة خاصة في تونس التي وجدت في كتابات اشعاعا ليبراليا اضاء لها جانبا مهما من جوانب مسيرتها الثقافية.. وانت تتجول في المعرض ستلمح صورة طه حسين على العديد من اغلفة الكتب سواء كانت مؤلفاته او دراسات كتبت عنه او كتب تكريمية تشيددبالدور الكبير الذي لعبه في حياتنا. " 50”عاما مرت على رحيل طه حسين ولا يزال شاخصا في وجداننا. الرجل الذي عانى المحنة الكبرى يوم نشر كتابه " في الشعر الجاهلي " عام 1926 حيث وجد نفسه مدحورا، مقهورا، نلقاه في معرض تونس للكتاب عام 2023، مبتسما وهو يجلس على عرش دولة الثقافة والحداثة، في كتب تمتلئ بالوفاء،والاعتراف بان التجديد الذي دعا اليه لم يكن " بدعة ضلال، وانما " بدعة تطور ". انظر الى صورة طه حسين، فارى صاحب الايام، الرجل الذي عاش على باب الخطر، فكانت حياته رحلة عاصفة، ألم يخبرنا ذات يوم " ان معظم كتبه خرجت من قلب المعركة ". والمعارك كانت خصومات فكرية واحيانا خصومات سياسية وجد نفسه ايامها عرضة للتشهير والسجن لكن النهاية تحولت هذه المعارك كما قال  الفرنسي جاك بيرك "شعاعا" فكانت منجما لفهم طبيعة الفكر العربي المعاصر.

بعد مرور " 50" عاما على رحيل العميد نجد ان الجميع يعترف بمكانته في الفكر العربي الحديث، وان الموقف من المناداة بحرية الرأي وحرية الفكر، والعدل الاجتماعي، والنظام الديمقراطي، كان موقفه،، وفوق كل ذلك بأن بيان الحداثة العربية كان بيانه.

في واحدة من الشهادات التي يضمها كتاب " طه حسين في مرآة العصر  " نقرأ شهادة ابنه مؤنس طه حسين التي يقول فيها: " كان ابي يملي كتبه، وقد كان يرفض دائما أن يعيد قراءتها، اقصد ان تعاد قراءة التجارب المطبعية على مسمعه. وفي اعتقادي انه لم يراجع قط سطرا واحدا بنفسه. فالدفع الاول في كتابه كان الاخير دائما ". ولكن نصوصه تؤكد انه كان قد فكر فيها طويلا ومليا قبل املائها. كان يحمل الكتاب في صدره. إنه المخاض الصادق. وكان كل من في البيت يدرك ذلك، فإذا الرجل مربدّ الوجه، ذاهل عن كل شيء، غائب عمن حوله. وكانت امي تخاطبه قائلة : “ الظاهر من أمرك يا طه انك الآن على أهبة إملاء كتاب جديد".

تعرض طه حسين اثناء حياته للنقد والتجريح، لكنه كان يقول انه لا يريد ان يفرض نفسه على احد " فانا لم ارض عن نفسي في يوم من الايام "، كان يرى في الخصومات الفكرية ثروة ادبية، طالما خاصم طه حسين العقاد وانتقده، لكنه كان يقول عنه كانت كبير ومجيد : " ما دمت والعقاد نكتب فالخصومة بيننا ممكنة. لكننا قوم نعرف كيف تختصم دون ان تفسد الخصومة رأي احد منا في صاحبه " هذه الكلمات درس للذين يعتقدون ان الخصومة الثقافية يجب ان تكون طعنا في وطنية الخصم وفي شرفه.

***

علي حسين

في المثقف اليوم