أقلام ثقافية

بنيامين يوخنا دانيال: القمامة السياحية

يعتبر القطاع السياحي من أكثر القطاعات انتاجا للقمامة المتمثلة في الزبالة والقاذورات التي يخلفها السياح داخل المرافق والمنشآت السياحية والفندقية جراء اقامتهم وتناولهم الطعام والشراب، وتمتعهم بشتى أوجه الترويح (الاستجمام) والترفيه فيها. بالإضافة إلى تلك التي يتركونها خارج هذه المرافق والمنشآت أثناء تجوالهم وترحالهم على السواحل وفي الجزر والغابات، مثل العبوات المعدنية والبلاستيكية والزجاجية الفارغة وأكياس النايلون والملاعق والصحون البلاستيكية وسفر الطعام والمناديل الورقية وعلب المعطرات ومزيلات الروائح وواقيات الشمس والأدوات الرياضية ولهايات ولعب الأطفال المهملة وعلب ومشعلات السكاير وبقايا الطعام وإطارات السيارات المتضررة والمظلات المكسورة وبقايا الكراسي البلاستيكية والمعدنية وغيرها كثيرة.

وهي كما يلاحظ الأخطر على البيئة الطبيعية لصعوبة ادارتها ومعالجتها على النحو المطلوب. ففي جزر المالديف التي تستقبل أكثر من (10) آلاف سائح اسبوعيا (750000) سائح سنويا أي أضعاف عدد سكانها البالغ 309000 نسمة تقريبا 2015) والمعروفة كمقصد سياحي مهم على خارطة السياحة الاسيوية، ينتج السائح الواحد فيها قرابة (3،5) كغم من الزبالة والقاذورات في اليوم الواحد كمعدل. الامر الذي دفع السلطات المعنية في عام 1992 إلى تكديس أطنان القمامة اليومية الناتجة عن النشاطات السياحية المختلفة في جزرها ضمن جزيرة اصطناعية من القمامة السياحية (ثيلافوشي)، تمتد وتتوسع بمعدل (1) م يوميا داخل مياه المحيط الهادي، ودون توقف رغم النيران المشتعلة فيها ليل نهار للتقليل من حجمها والتخلص منها.

و كذلك الامر في جزيرة (بالي) الاندونيسية التي تفتقر على نظام فعال للتخلص من القمامة، وهي معروفة بمنتجعاتها وفنادقها ومنشآتها السياحية التي تستقبل سنويا مئات الألوف من السياح من مختلف بلدان العالم. أما في فرنسا فتشكل قمامة السياح (10) في المائة من اجمالي القمامة في البلد بحسب الكلمة الملقاة من قبل الخبيرة الاستشارية الدولية (فيرونيك لينا) في ندوة (استدامة السياحة وإدارة المناطق الساحلية في منطقة البحر المتوسط) المنعقدة في تركيا في شباط 2008 تحت مظلة (الاتحاد الأوروبي)، وفي اطار البرنامج البيئي الاورومتوسطي (سماب) لأولويات العمل البيئي المنبثق من مؤتمر (هلسنكي) في تشرين الثاني 1997.

و بحسب دراسة للباحثة (انتصار أحمد الطلالوة) في قسم الجغرافيا الطبيعية في جامعة الملك سعود السعودية فان (68.6) في المائة من الذين شملتهم الدراسة رأوا ان مساهمة السياح والزوار في تلوث الشواطئ (الخبر والدمام والقطيف) بما يتركونه من نفايات وبقايا.

و من هنا ظهرت اتجاهات ترمي إلى دعم ثقافة معالجة القمامة التي ينتجها القطاع السياحي باعتماد تكنولوجيا حديثة مقرونة بسبل مبتكرة وجديدة فعالة ومؤثرة، تأخذ بها إدارات المرافق والمنشآت السياحية والفندقية العاملة فيه، للتعامل مع القمامة، مع ضرورة توعية السياح بأهمية البيئة والدفع باتجاه الاستدامة التي صارت مطلوبة في الوقت الحاضر وعلى مختلف الأصعدة. مع تشجيع أنماط أخرى من السياحة وفقا لقواعد وأسس الاستدامة، مثل السياحة الايكولوجية والسياحة الايكوثقافية والسياحة المجتمعية الثقافية.

***

بنيامين يوخنا دانيال

....................

للمزيد من الاطلاع، ينظر (السياحة والبيئة: مقالات) للباحث، مطبعة بيشوا، أربيل – العراق 2011.

في المثقف اليوم