أقلام ثقافية

ناجي ظاهر: درس في الخيانة الزوجية.. نظرة في الخطيئة السابعة

يُعالج الكاتب الروائي الانجليزي سمرست موم، في روايته الخطيئة السابعة، موضوعًا مُلحًا وخطيرُا هو الخيانة الزوجية. اما وصفه لها بالخطيئة السابعة، فإن هذا يعود إلى أنها الوصيّة السابعة بين الوصايا العشر في الكتاب المقدّس. وهي لا تزنِ.

يفتتح موم روايته هذه بحوارية بين امرأة وعشيقها. بعد أن شعر الاثنان باكرة الباب وهي تتحرك واعتقدت المرأة أن مَن حرّكها هو زوجها. نفهم من هذه الحوارية كلّ ما يريد الكاتب إيصاله إلينا. وينتهي هذا الموقف وكأنما شيئًا لم يحدث إلا أنّ ما يحدث في الواقع عكس ذلك. الزوج وهو طبيب في مهنته، يكتشف خيانة زوجته ويخبرها أنه يمتلك كلّ الادلّة على خيانتها له، ويخيّرها بين أمرين كلاهما مُرّ. إما أن ترافقه إلى بلدة منكوبة بالكوليرا، وإما أن يفضحها ويفضح عشيقها، وبين هذين التخييرين يتوصّل معها إلى خيار ثالث هو أن تطلب من عشيقها، المتزوّج أصلً، أن يرتبط بها. الزوجة تتوجّه إلى عشيقها، لتكتشف أن كلّ ما كان يقوله لها ما هو إلا كلام في كلام، ولتجده يشجعها على مرافقة زوجها الطبيب إلى مدينة الكوليرا.. مدينة الموت. في هذه الاثناء نعرف عبر عودة إلى الماضي أن هذه الزوجة وافقت على ارتباطها بزوجها الطبيب لسبب أبعد ما يكون عن الحب، وأنها إنما أرادت أن تتزوّج منه لأن أختها ستتزوّج قريبًا.

بعد أن تكتشف الزوجة عبث حبيبها المعبود، توافق على مرافقة زوجها إلى مدينة الموت، وهناك تكتشف إنسانية زوجها، عبر تقدير الجميع له ولعطائه للأهالي المنكوبين، بل إنها تكتشف إنسانيتها خلال تطوعها لمساعدة الاخوات الراهبات في مواجهة وباء الكوليرا الفتّاك القاتل.

ما إن تستقر أمور هذه الزوجة حتى تجد نفسها وقد فقدت زوجها.. بعد أن توفي بعدوى. سرعان ما يوحى إليها أنه قد يكون جرّب مصلًا جديًدا للكوليرا على نفسه. هذه المرأة تعود إلى هونج كونج، لتعرض عليها زوجة عشيقها المُغفّلة أن تقيم معها ومع زوجها في شقتهما. بعد تردّد توافق الزوجة، لتكتشف مدى نذالة عشيقها وخداعه لها أكثر فأكثر. تقرر هذه المرأة.. الزوجة.. العودة إلى مسقط رأسها، وهناك تقرّر مرافقة والدها المحامي إلى الجزائر، لكن هذه المرة بعد أن تكون قد تعلّمت الدرس تمامًا، وثابت إلى رُشدها.

كما في رواياته السابقة، منها ليلة غرام، يبرع موم في تقديم الحَبكة القصصية، كما يبرع في تقديم الشخصيات، حدّ أنك تكاد تلمسها بيدك، وتشعر أنك تعرفها. هذه الرواية أشبه ما تكون بفيلم سينمايي. يصوّر حياة كاملة، لها بداية، وسط ونهاية. رواية ممتعة. مشوّقة وجديرة بالقراءة.

***

ناجي ظاهر

...................

*صدرت عام 1985 ضمن روايات الهلال القاهرية. وهذه هي قراءتي الثانية لها

في المثقف اليوم