أقلام فكرية

نقد فلسفة علم الألسنية المستند للتفسير الفرويدي

قاسم خضير عباسلقد شمل (التغيير المطلق) في العقل الغربي كل القضايا، وانتقل إلى كثير من التحليلات الخاطئة المتعلقة بالقضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، للقضاء على القيم والأخلاق واستبدالها بـقيم وأخلاق الغرب؛ بحجة التغيير والعصرنة والتطوير.

وقد لجأ بعض المتغربين العرب (للتغيير المطلق) واستندوا إلى علم الألسنية، والتفسير الفرويدي، للبحث عن محتوى جديد للغة العربية، من أجل إضعافها لأنها مظهر يعكس حضارة الإسلام!!

والمعروف أن الألسنية تبحث في مجموعة الدراسات اللغوية وتميّزها عن فقه اللغة، حيث استنتجت (قوانين ومبادئ) خاطئة لتأثرها الشديد (بالتحليل النفسي الفرويدي) في تفسير التحولات الاجتماعية والسياسية وارتباطها باللغة.

 ويعلق الدكتور (ميشال زكريا) على هذه الحقيقة المؤلمة في كتابه (الألسنيه) قائلاً: (وضع الألسنية الحالي شبيه من هذه الناحية بوضع التحليل النفسي، في مستهل هذا القرن حيث يلاحظ أن كل مربٍّ أو ناقد أدبي أو كاتب بات يلجأ إلى لغة فرويد من دون أن يكون بالنتيجة قد أدرك كل أبعاد الأسلوب الفرويدي) . وأضاف بأنَّ: (اللغة واقع اجتماعي ثابت بينما الكلام عمل فردي متغير).

واستنبط الدكتور (ميشال زكريا) حكماً منطقياً علمياً مفاده أنَّ: (الذين ينظرون إلى اللغة كتحقيق فكري يعتقدون أنَّ باستطاعة أيّ حيوان يمتلك دماغاً متطوراً بعض التطور، اكتساب لغة معينة. إلا أنَّ هذا الاعتقاد، في الواقع، هو اعتقاد خاطئ. ذلك أنَّ الدماغ الإنساني لا يتصف فقط بكونه أكبر حجماً من دماغ القرد مثلاً، بل يظهر اختلافاً أساسياً من حيث النوعية).

وهكذا فإنَّ اللغة هي واقع إنساني ثابت، وظاهرة اجتماعية تعكس انفعالات وتفاعلات الأمة، لهذا اهتم علم الاجتماع باللغة اهتماماً كبيراً، حيث نظّر العلماء لـعلم جديد أسموه علم الاجتماع اللغوي. ولذا قال اللغوي الأميركي (سايير) إنَّ: (العالم الحقيقي مبني إلى حد كبير على العادات اللغوية لمجتمع معين).

ومن وحي ما قدمنا فإنَّ اللغة العربية تمتلك كل مقومات القوة، التي تؤهلها للبقاء والثبات، خصوصاً وأنها أصبحت لغة القرآن، حيث جسّدت مبادئ الإسلام وصوّرتها بصور فنية رائعة. وقد أدرك الغرب ذلك جيداً، وأراد إضعاف هذه اللغة ووصفها بأنها: (لغة غير علمية لا تصلح إلا للشعر والتفاخر)!!

وذلك لإبعاد المسلمين عن مبادئهم، لكي يسهل السيطرة عليهم، واستعمارهم عسكرياً وفكرياً. بلحاظ أنَّ التقليد الأعمى للغرب ولّد لدى بعض كتابنا ومفكرينا أزمة مصطلحات في كتاباتهم وبحوثهم، بسبب عملية استعارة المصطلحات الأجنبية، والاستناد إلى بعض مفاهيم العلوم الاجتماعية الخاطئة كمفهوم فرويد في علم الألسنية، التي لا تمتّ لفكرنا بصلة، ولا تترجم خصوصيتنا، وسلوكنا الملتزم.

***

د. قاسم خضير عباس

كاتب سياسي وخبير القانون  الجنائي الدولي والوطني

في المثقف اليوم