أقلام فكرية

إبيقور وفلسفة اللذة

"منذ ابيقور، لم تتقدم الحكمة خطوة واحدة بل تراجعت آلاف الخطوات الى الوراء"(نيتشة).

حياة ابيقور

وُلد ابيقور(341-270 ق.م) في ساموس وتوفي في اثينا. درس في أكاديمية افلاطون عندما كانت تُدار من قبل اكسينوكراتس. ولاحقا، عندما التحق بعائلته في كولوفون، درس تحت اشراف نوسبانيس الذي عرّفه على فلسفة ديموكريتس. ابيقور اشترى له بيتا في اثينا. وفي حديقة هذا المنزل كان يعلّم الفلسفة. عزل ابيقور وأتباعه أنفسهم عن حياة المدينة  وكان من بينهم عبيدا ونساء.

فضيلة اللذة

كان ابيقور وفلسفته في اللذة مثار جدل لأكثر من 2000 سنة. أحد الأسباب كان ميلنا لرفض المتعة كخير أخلاقي. نحن عادة نعتقد ان الأعمال الخيرية والتعاطف والتواضع والحكمة والشرف والعدالة وفضائل اخرى هي خير أخلاقي، بينما اللذة، في افضل الاحوال،هي محايدة أخلاقيا، لكن بالنسبة لأبيقور، ان سلوك السعي نحو اللذة يضمن حياة مستقيمة.

"يستحيل ان تعيش حياة سارة بدون العيش بحكمة وشرف وعدالة، ومن المستحيل العيش بحكمة وشرف وعدالة بدون ان تكون الحياة ممتعة. عند الإفتقار الى أي من هذه، كما ،على سبيل المثال، حين يكون الانسان غير قادر على العيش بحكمة، مع انه يعيش بشرف وعدالة، فانه من المستحيل بالنسبة له ان يعيش حياة مفرحة"

مذهب المتعة وهدوء البال Hedonism and Ataraxia

ان مذهب المتعة (الحياة المخصصة للمتعة) هي ما يتبادر الى ذهن الكثير منا عند الاستماع لأسم ابيقور، لكن راحة البال، او ممارسة الحالة المثلى والمتعة المستمرة، هي ما يجب ان نربطه بالفيلسوف الذري ابيقور. يقول ابيقور نحن يجب ان لا نحاول زيادة متعتنا الى ما وراء نقطة الكثافة القصوى. لننظر في تناول الطعام. اذا كنت جائعا، هناك ألم. عندما تأكل لسد الجوع، انت تشعر جيدا وتتصرف طبقا للايبيقورية. بالمقابل، اذا كنت متخما ، فانت ستشعر بالألم مرة اخرى.

"ان حجم المتعة يصل ذروته عند إزالة كل الآلام. عندما تكون المتعة حاضرة، وبدون انقطاع، لن يكون هناك ألم لا في الجسد ولا في الذهن ولا في الاثنين معا".

تلبية الحاجات satiation

طبقا للدكتور تشاندر Dr.J.chander، في مذكراته عن الرواقية والابيقورية، يرى ابيقور، ان الإسراف يقود الى الألم وليس الى اللذة. ولذلك نحن يجب ان نتجنب الإسراف.

الملذات الحسية تقودنا الى راحة البال، والتي هي سارّة في ذاتها. نحن يجب ان لا نتابع محفزات غير متناهية، وانما بدلا من ذلك نبحث عن تلبية مستمرة للحاجات. "كل الرغبات التي لا تقود الى الألم عند عدم إشباعها هي غير ضرورية، لكن الرغبة يمكن التخلص منها بسهولة عندما يصعب الحصول على الشيء المرغوب او عندما يُحتمل ان تسبّب الرغبة به ألما".

انتشار الايبيقورية

بينما كان مصير معظم المدارس الفلسفية اليونانية هو التحلل والانشطار الى طوائف سلطوية ميتة فكريا او السقوط اما في الشك او في الافتراضات الميتافيزيقية شبه الدينية، نجد ابيقور وفر لمدرسته اسسا فكرية سليمة وبنية تنظيمية استطاعت الصمود امام عدم الاستقرار السياسي للعصر الهيلنستي. وبهذا يكون ابيقور ضمن بقاء مدرسته (الحديقة) في وصيته. التحديات من الفلسفات ولاسيما الرواقية والشكوكية،"حفزت الايبيقوريين لتطوير بعض عقائدهم بتفصيل اكثر، وخاصة نظريتهم الابستيمولوجية وبعض نظرياتهم الأخلاقية، وخاصة نظرياتهم المتعلقة بالصداقة والفضيلة".

"أيها الغريب، انت ستبقى هنا، أسمى خير لدينا هنا هو المتعة. حارس ذلك المسكن ،رجل عطوف، سيكون مستعدا لك،هو سوف يستقبلك بالخبز ويخدمك بالماء الغزير، ويرحب بك بهذه الكلمات: "اذا لم تكن استمتعت جيدا؟ فان هذه الحديقة لا تثير شهيتك وانما تطعمها".

في عام 155 قبل الميلاد، أرسلت اثينا بعض فلاسفتها الى روما،حيث الايبيقورية بالذات أزعجت المحافظين مثل ماركوس كاتو. ولكن بالنهاية، ضربت  الابيقورية جذورها في روما ويمكن العثور عليها في الشعراء أمثال فيرجل و هوراس و لوكريتوس.

توماس جيقرسون المؤيد للايبيقورية

كان مؤسس الولايات المتحدة توماس جيفرسون ايبيقوريا. في رسالته عام 1819 الى وليم شورت، أشار جيفرسون الى نواقص الفلسفات الاخرى والى فضائل الايبيقورية. الرسالة ايضا احتوت على مواد تدريسية مختصرة لمعتقدات ابيقور.

***

حاتم حميد محسن

في المثقف اليوم