أقلام فكرية

تشارلس تايلور: تأويلات الحداثة (2-3)

- عمل تايلور المتأخر: العلمانية والإطار الجوهري والليبرالية الشاملة

أعرب تايلور من حين لآخر عن وجهات نظر قوية حول صلة الدين في السياسة، لكنه لم يوضح أثر وعواقب سياسات الاعتراف على مكانة الدين في الديمقراطية قبل تسعينيات القرن الماضي. بقيت الأسئلة الخلافية فيما يتعلق بالدين دون إجابة: ما هي أهمية العلمانية والحياد في الدولة الحديثة؟ إلى أي مدى يجب أن تمضي الدولة العلمانية في الاعتراف بالمطالب الدينية؟

أصبحت هذه الأسئلة أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى بدءًا من تسعينيات القرن الماضي، عندما أفسح الطريق للدين في سياق نقاشه لمسألة الوطنية. يطور تايلور التفسير النقدي للحداثة في سياق الصعوبات التي تواجه فرضية العلمنة من خلال التركيز على معنى العلمانية في الغرب. لقد أوضح وجهة نظره على ثلاثة مستويات متداخلة: أولاً، يضيف مفاهيم جديدة (الامتلاء، التعالي) على مستوى الأنطولوجيا الأخلاقية الخاصة به؛ ثانيًا، يستعرض المسار الدقيق لظهور الحداثة العلمانية. ثالثًا، يرفض وجهة النظر القائلة بأن الدين خاص ويقترح سياسة موضوعية لها أساس متين في الواقع للاعتراف بالفوارق والاختلاف  الديني وغير الديني. سننظر أولاً إلى الجوانب الأنطولوجية والاجتماعية والتاريخية لتفسير تايلور ثم ننتقل إلى ليبراليته الشاملة.

أ- عنصر انطولوجي جديد: الامتلاء والتعالي

تكتسب الأنطولوجيا الحوارية لتايلور، في كتاباته المتأخرة، بُعدًا "روحيًا" مميزًا، يوضح بشكل  منهجي فكرة "اللحظات الخاطفة" أو العابرة  في  كتابه "مصادر الذات".[1] وأشار- في كتابه عصر علماني- إلى أن "كل شخص وكل مجتمع يعيش من خلال بعض التصورات حول ما هوالازدهار البشري، أيً: ما الذي يشكل حياة مكتملة؟ ما الذي يجعل الحياة تستحق أن نعيشها حقًا؟ وما أكثر شيء نقدًر الناس عليه؟"[2] يرتبط البشر، في السعي وراء تجارب ازدهار الحياة والامتلاء، بمعتقدات حول معنى الواقع البشري، والخير والشر- أي المعتقدات و التقييمات الأساسية. فإذا كنا نرغب في فهم أنفسنا، لا يمكننا، اذن، التجرد من تلك المعتقدات القوية من أجل الوصول إلى منظور محايد أو غير متحيز مفترض. نحن نلبي حاجتنا الحيوية للازدهاركبشر ونكون في كامل طاقتتنا عندما نكون قادرين على متابعة خطتنا الخاصة في الحياة، ونعيش بشكل أو بآخر وفقًا لمعتقداتنا الأساسية وإحساسنا بالنزاهة والأستقامة الأخلاقية. يشير "الامتلاء" هنا إلى الشعور بأن جزءًا أو جانبًا من وجودنا أعمق وأغنى وأكثر أهمية لنا، وبالتالي يمكن أن يوفر شكلاً من أشكال التوجه الأخلاقي و / أو الروحي.[3] يأتي اختبار الامتلاء بأشكال مختلفة وهو مفتوح للمؤمنين وغير المؤمنين على حد سواء.

يرى تايلور إنه من الأهمية بمكان ألا تقتصر هذه التجربة على الأزدهار الفردي / الجماعي. وأن التمييز بين الأزدهار والامتلاء مناسب من وجهة نظره المبكرة. ويجادل بأنه أصبح من الشائع في الغرب الحديث المساواة بين الاثنين، أي النظر إلى الامتلاء  على وجه الحصر بأنه تأكيد على الحياة وجوهرها؛ وينشأ هذا التكافؤ من الأهتمام بالحفاظ على الحياة، وتحقيق الازدهار المادي والرفاهية، وبالتالي تقليل المعاناة.[4] يُنظر إلى الجهود المبذولة لدفع "حدود الموت والمعاناة" إلى الوراء  بوصفها "ذات قيمة عليًا" لأزدهار الحياة.[5] وتتحول المعاناة والحزن والشر إلى أمور تقنية تُدار بالوسائل العلاجية عندما تختزل الحياة في محايثتها – الداخلية أو ذاتيتها. تفقد المعاناة والشر أهميتهما الأخلاقية والروحية المحتملة للفرد أو الجماعة.

إن أزدهار الحياة الفردية / الجماعية داخل "فضاء المحايثة" ما هو إلًا شكل من أشكال تحقيق الامتلاء. يمكن للأفراد البحث عن امتلاء يتجاوز ما تؤكد عليه الحياة المحايثة، سواء كان ذلك رفاهية الفرد المادية أو الأزدهار الجماعي. يفترض تايلور "توجهاً نحو التعالي"- أي الشوق الذي لا يمكن اختزال أهميته في السعي من أجل الخير. وحجته هي أننا لا نستطيع أن نفهم الوجود المستمر والمنتشر للظواهر الروحية الدينية ما لم نعترف بالتوق إلى "شيء ما ورائي" والحاجة إلى "االإجابة عن شئ ما في مابعد الحياة".[6] وهو يدعي أن هناك "نزعة لايمكن استئصالها" للإجابة عن "حقيقة روحية" أو دعوة يكون إنكارها خانقًا.[7] إن هذه النزعة منتشرة في العصر العلماني، ويمكن أن تتخذ أشكالًا دينية وغير دينية، وقد تكون واضحة أو غامضة: فــ"الشوق الديني"، على سبيل المثال، هو أكثر من " التوق والاستجابة لمنظور تحول من محايثة الى تعالي، هو ما تسميه شانتال ميلون- ديلسول "الرغبة الدائمة"، حيث يظل مصدرًا قويًا ومستقلاً للتحفيز في الحداثة".[8]

يوضح تايلور التوجه نحو التعالي بطريقتين. (i) يستدعي، أولاً، الحدس القائل بأن الغاية من الأشياء لاتستنفدها الحياة أو أمتلائها، أو حتى خير الحياة"؛[9] بل يمكن أن يتطور هذا الحدس إلى اعتقاد بأن المعاناة والموت ليسا مجرد نفي للحياة "، ولكن لتأكيد شيء ما بعد الحياة أيضًا، أنه شيء ذو أهمية ليس فقط لأنه يحافظ على الحياة".[10] إنه شئ قد يأخذ أشكالًا مختلفة كما يظهر في: بالمصطلحات الدينية، "يريد الله ازدهار الإنسان.[11] و كما ايضًا الدعوة إلى الخضوع لله في الإسلام التي تمكن وتقوي الإنسان بشكل لا يتوفر بأي شكل آخر .. وهكذا.[12] لا يناقش تايلورما إذا كان هذا التوجه أو "الرغبة في الخلود" له الأهمية نفسها بالنسبة للجميع - مثل ضرورة تناول الطعام أو التنفس أو اكتساب الكفاءة اللغوية. ولكن يرى أنه غالبًا ما يُظهر البشر حاجة حيوية  دائمة إلى  التعالي. ويلاحظ في كتابه "عصر علماني"، أن الناس يتحثدون عن "السخط الإلهي"، و"الرغبة الشديدة في البقاء". قد يكون هذا مدفونًا في الأعماق، لكنه يعبر عن إمكانات بشرية دائمة. لذلك يمكن أن يشعر حتى الأشخاص الناجحين جدًا في مجال الازدهار البشري الطبيعي بعدم الارتياح، وربما الندم، وبعض الإحساس بأن إنجازاتهم جوفاء.[13]

(ii) يمكن أن يعني الانفتاح على التعالي أيضًا "الدعوة لتغيير الهوية"،[14] والتوق إلى التغيير أو التحول الروحي.ويظهر ذلك جليًا في الأديان كما في التصوف الإسلامي والدعوة الى الأتحاد مع الله أو في البوذية حيث  يكون التحول الناتج عن التنوير هو التحول من الذات إلى "اللاذات" بينما تدعو المسيحية إلى تفكيك شامل لـ "أنا" في العلاقة مع الله. أو يمكن أن تلهم الإيكولوجيا العميقة التحول إلى طريقة جديدة للحياة يتشكل من الشعور بوحدة جميع الكائنات الحية. لا يمكن متابعة تحليل تجارب التحول الواسعة هذه بشكل مرضٍ من المنظور محايث لتأكيد حياة الإنسان ورفاهه. نظرًا لأن "معظم مفاهيم الحياة المزدهرة تفترض هوية مستقرة، فيمكن تحديد الذات التي يمكن أن تزدهر"،[15] وأن الاعتراف بأهمية التعالي يعني السعي وراء الحياة أو الانفتاح على تغيير في الهوية.

إن التحول الروحي والديني في علاقة توتر مع السعي وراء الخير العام أو الصالح العام  الفردي/ المشترك، ولكنه يمكن أن يغذي ويجدد فهمنا له.. أنظر مثلا الدور المركزي للجمعيات الخيرية في الإسلام ( دفع الزكات ، بوصفها  "ما يطهر"  الروح او الحياة، وهي واحدة من أركان الإسلام الخمسة) أو في المسيحية  "أحبوا بعضكم بعضاً كما أحببتكم" حيث هناك عدد لا يحصى من المنظمات المشاركة في التعليم والرعاية الصحية. أو كما في حياة غاندي التي تخاطر "بتجارب مع الحقيقة"، التي الهمت إصلاحات عميقة في الهند.[16]يربط تايلور تجربة التعالي بعدم المعاملة بالمثل، مما يشير إلى وجود صلة وثيقة بين الدين والتضامن، لكنه لا يطور هذا الارتباط. إن التوتر بين الازدهار والتعالي مع محاولة التوسط بينهما أمر شائع في الأديان الكبرى حيث جمعت بينهما في ممارستها الموروثة العادية.  فيرى تايلور أن الإنجازات العليا لأولئك الذين ذهبوا في نظرهم وعملهم الى ماهو مابعد الحياة الدنيًا  قدعملت على تغذية الحياة الكاملة  حتى لأولئك الذين بقوا على هذا الجانب من الحاجز، أيً محصورين في الحياة المحايثة.[17]

(ب) العلمانية والإطار المحايث والإنسانية الشاملة

يتعلق البعد الثاني لمفهوم تايلور للدين بتفسيره للحداثة العلمانية. نحتاج للحصول على فهم جيد للوضع الحديث إلى تجاوز التعريفات التقليدية للعلمانية والبحث عن شروط الإيمان بالحداثة الغربية العلمانية.[18] يقدم تفسير تايلور الاجتماعي والتاريخي لهذه الظروف الإطار الأوسع لليبرالية الشمولية.

يسأل تايلور في كتابه "عصر علماني": ماذا يعني الإيمان في سياق الحداثة؟ ما هي الافتراضات الخلفية لتكوين المعتقدات في العصر الحديث، وكيف ظهرت؟ ما هو مكان المعتقدات الدينية في الدولة العلمانية؟ تستند هذه الأسئلة إلى تحقيق تايلور السابق في الهويات الحديثة والتقييمات القوية: بينما يستجوب  كتابه "مصادر الذات " شروط تشكيل الهوية في الحداثة، يركز كتابه "عصر علماني" على الظروف الجديدة لإمكانية تكوين الإيمان في الغرب. فيرى من أجل فهم ظهور العصر العلماني بشكل صحيح، يجب أن نفسر الفجوة بين تجربة الإيمان عام 1500 واليوم. باختصار، تشير الحداثة العلمانية إلى تحول غير مسبوق تاريخيًا في "التجربة الحية"،[19] من التعالي إلى المحايث وتأكيد على ما يتعلق بهذه الحياة.  لقد حدث أنتقال في الغرب" من مجتمع يكون فيه الإيمان بالله بلا منازع، وبلا إشكال، إلى مجتمع يُفهم فيه الإيمان كأحد الخيارات من بين أخرى، بل وفي كثير الأحيان ليس من السهل أعتناقه".[20]  تقوم رؤية تايلور بخصوص ظهور العصر العلماني على فكرة المصادفة والظرفية التاريخية، في حين  يعتمد نموذج العلمنة – في تفسير ظهوره- على نظرة غائية وخطية للتاريخ. لم تنشأ ظروف الاعتقاد الحديثة عن طريق الطرح التدريجي للدين وإزالته ولكن من خلال عملية معقدة من التحولات التي لعب فيها الدين دورًا جوهريًا. وبذلك اكتسب الغرب الحديث سماته الخاصة في الأمور الدينية - أي ظهور وتعميم إطار مرجعي محايث يشكل تكوين المعتقدات. ليس الإطار المحايث " مجموعة من المعتقدات التي نفكر فيها بشأن محنتنا، مهما كانت بدايتها؛ بل هو السياق المحسوس الذي نطور فيه معتقداتنا".[21] يشير الإطار المحايث إلى ما يسميه فيتجنشتاين صورة ((Bild)، تعبر عن خلفية تفكيرنا، و غالبًا ما تكون غير مصاغة إلى حد كبير، وجزء من منها هو تأكيد على هذه  الحياة  الدنيًا على وجه التحديد ، وهي -طبقا لراي تايلور- نتيجة غير مقصودة للإصلاح البروتستانتي والثورة ضد النخبوية الدينية، مع ما يرتبط بها من تأكيد وتقديس "للحياة العادية إلى حد كبير. علاوة على ذلك، يرتبط التحول الأخلاقي والروحي نحو خيبة الأمل من العالم ارتباطًا وثيقًا بالثورة العلمية الحديثة. ويلعب ظهور الذات القائمة على الاكتفاء الذاتي دورًا حاسمًا؛ حيث يشكل العلم الحديث، جنبًا إلى جنب مع العديد من الأوجه الأخرى- مثل الهوية العازلة،[22] والفردية الحديثة، مع اعتمادها على العقل الأداتي والعمل في الزمن العلماني - الإطار المحايث.[23]

لا يُولًد الظهور التدريجي للإطار المحايث فضاءًا متجانسًا من الإيمان، ولكنه فضاءً متعدد الأركان ومليء بالتوتر. يميز تايلور ثلاثة خيارات أو نطاقات رئيسة من المعتقدات: (1) الإنسانية الحصرية-الخاصة، (2) مناهضة النزعة الإنسانية، و(3) النزعة الإنسانية الشاملة أو المفتوحة.

(1) يُعطى النطاق الأول من خلال النزعة الإنسانية الحصرية-الخاصة، حيث تصبح أسبقية الحياة والمحايثة الخيار الوحيد المتاح. تميل هذه النزعة الإنسانية إلى الاعتماد على شكل أو صيغة مبتورة من العقلانية الإجرائية. هناك العديد من الأشكال والأوجه للإنسانية الخاصة- من نفعية جيريمي بنثام، الليبرالية الفردية، الماركسية، والى المعتقدات الشعبية المنتشرة على نطاق واسع والتي تتغلغل في الثقافة والنزعة الاستهلاكية الرأسمالية. إن القاسم المشترك بينهم هو الاعتقاد بأن "لا يوجد هدف صحيح وصالح ماعدا" الحياة المحايثة. فمن وجهة نظرهم، إن الإحساس القوي الذي ينشأ باستمرار بأن هناك شيئًا آخر، وأن الحياة البشرية تهدف إلى ما وراءها، تعبيرعن وهم ويُحكم عليه بأنه خطر لأن التعايش السلمي للناس بحرية هو ثمرة تلاشي الرؤى المتعالية.[24]

يتطابق تطور فكرة الكونية الحديثة عن الحرية والحقوق العالمية مع ظهور النزعة الإنسانية الحصرية-الخاصة في تأكيدها العلماني على الحياة العادية  لكنها غير المعترفة بجذورها التي تعود الى تلك الحقوق الشاملة وغير المشروطة التي نادت بها المسيحية، مما بدا محيرًا إنكارها التعالي.[25] ومع ذلك، على الرغم من أن تايلور ينتقد النزعة الأحادية الجانب للإنسانية الحصرية وما ينتج عنها من عداء للبحث الروحي والاحتياجات الدينية، إلا أنه يرى  أن التركيز على الحياة والرفاهية العامة والازدهار يُعد مكسبًا كبيرًا  آزاء المجتمع النخبوي السابق.

(2) تمثل مناهضة  النزعة الإنسانية نطاق ثاني من المعتقدات. يعتبر رفض النزعة المناهضة  للإنسانية للأفكار العالمية لحقوق الإنسان والازدهارخطرًا ولّدته الإنسانية الحصرية- الخاصة نفسها، بالنسبة لتايلور،؛ إنه ينشأ من عدم الرضا والاغتراب  الناتج عن الرؤية المبتورة للحياة الحديثة (مثل البرجوازية، والرأسمالية، وما إلى ذلك).  إن النيتشوية[26]  ونسلها المثقف الحالي - كما الاقتصاد العام لباتاي، وتفكيك دريدا،  وجينالوجيا فوكو - هي أمثلة على الموقف المناهض  للنزعة الإنسانية. يكشف  الموقف المناهض للنزعة الإنسانية  عن زيف العقل الأداتي للحضارة البرجوازية الرأسمالية للتنوير  بوصفه عرض من أعراض الانحلال والتفاهة الروحية؛ و خلاف ذلك يُحتفل بالعنف الفوضوي والأخلاق البطولية  كما عند نيتشه. فيرى تايلور أن أمراض الحداثة هذه تقوم على الانبهار بإنكار الحياة[27] والهروب إلى التعالي السلبي.[28] وإن مناهضة  النزعة الإنسانية هي الجانب المظلم والصورة المرآوية للعقل التي تم اختصارها في طريقة أو نظام حساب أو استنتاج معين: وتمثل الفاشية، في أكثر أشكالها السياسية راديكالية، وكذلك الخيار المناهض للإنسانية بتبجيله للعنف والفضائل البطولية ورفض  الحرية الفردية "البرجوازية".

(3) تقع الإنسانية الشاملة أو المفتوحة بين هذين القطبين المتقابلين. يمثل الفضاء الوسيط للمعتقدات شكل أو صيغة من التنوير لا تضع العقل في مواجهة البحث الروحي والديني، وتتجنب العلموية والمادية الاختزالية والميل إلى قصر العقلانية العملية على مجرد مسألة حساب أو قياس أو إجراءات. تهدف وجهة نظر تايلور الخاصة إلى التوفيق بين التراث الإنساني للتنوير والبحث عن الخيرات الروحية التي تجسدها التقاليد الدينية. إن المشهد الأخلاقي والروحي للحياة البشرية، وفقًا لهذا المنظور، ثلاثي الأبعاد: هناك، أولاً، الشعور بالامتلاء الذي يتجاوز خبرتنا العادية إلى عمق الوجود أو القوة التي فيه ويمكن أن يتخذ شكل تجارب محايثة أو متعالية. ثانيًا، هناك لحظات من النفي والأغتراب أو الانكسارفي هذا الامتلاء؛ وثالثًا، هناك نوع من الفراغ المتوسط ​​بين الامتلاء والنفي أو الأغتراب. أحد الأسئلة الحاسمة، بالنسبة لتايلور، كيف يتصور المرء ويسكن هذه الأرض الوسطى (حيث يعيش معظم أجزاء البشر): بين حقيقة توقنا إلى التحول وحالتنا المحدودة وأغترابنا. لكن لا تعترف النزعة الإنسانية الحصرية بتعقيد هذا الفضاء الأخلاقي والروحي، لأنها تعمل مع فكرة مجردة عن الامتلاء داخل الإطار المحايث.

يرى تايلور أن الإنسانية الحصرية تطالب بالهيمنة في حين أن مساحة الاعتقاد الحالية تعددية. وكذلك يحاجج بأن تبجيل المحايثة القائمة على إضفاء الطابع المطلق على العلم والعقلانية الأداتية والمادية  حصلت على جاذبيتها الهائلة لأنها تتغذى إلى حد كبير النجاح الاستثنائي للعلوم الطبيعية والتكنولوجيا وثقافة الجسد مع تركيزها على الاهتمامات المادية والملذات. فيصبح العلم، بالنسبة للإنسانيين الحصريين، هو الطريق الملكي للمعرفة والحقيقة على حساب أشكال أخرى من الاستقصاء والتحقيق. ويشير الى أن العلم والفردية الحديثة والعقل الأداتي والزمن العلماني كلها تستعمل كأدلة أخرى على المحايثة. حيث لم يُنظر الى العلم الطبيعي، على سبيل المثال، مجرد طريق واحد إلى الحقيقة، ولكنه أصبح نموذجًا لجميع الطرق.[29] تمثل الهيمنة الحالية للنزعة الإنسانية الحصرية انعكاسًا لظروف الإيمان الموجودة سابقًا في الغرب "لقد انتقلنا من عالم تم فيه فهم الامتلاء بشكل غير مشكوك فيه بوصفه خارج أو" ما بعد "الحياة البشرية، إلى عصر متضارب يتم فيه تحدي هذا التفسير من قبل الذين يضعونه داخل هذه" الحياة".[30] ومن ثم فإن التحول الحاسم  الذي حصل في الغرب هو أن النزعة الإنسانية الحصرية القائمة على الإيمان بإطار محايث مغلق للتجربة والرفض المقابل لأي لجوء الى التعالي الروحي والديني قد تحول إلى خيار ومرموق للغاية يمكن الوصول إليه.

يلفت تشخيص تايلور للعصر الحديث الانتباه إلى التكلفة الأخلاقية والسياسية للنزعة الإنسانية الحصرية.[31] إنه مهتم كما في كتاباته المبكرة بتعديل ما يعتبره وجهة نظر مبتورة وذاتية للحداثة وكذلك حسابات للعقل الأداتي من أجل بناء وجهة نظر أكثر ثراءً للحرية والعقلانية والمجتمع الحديث. تتجاهل شبه هيمنة النزعة الإنسانية الحصرية في الغرب تعددية المعتقدات الدينية وأهمية البحث الروحي عن الخير الذي تجسده؛ ونتيجة لذلك، فإنها تؤدي إلى حياة أخلاقية وسياسية فقيرة، ومبعثرة المصادر الأخلاقية والروحية والدينية، وتفتقر إلى التماسك. إن اختزال الفهم البشري إلى الجوانب الحسابية والإجرائية للعقلانية يسيء الى تمثيل العلاقات الجماعية التي تقوم على على التضامن وعدم المعاملة بالمثل،[32] ويميل إلى تقويضها، فضلاً عن تجربة اكتشاف الذات والتحول والتطلع إلى الامتلاء. فكتاب "عصر علماني" إذن هو نداء لاستعادة حياة الروح (هيجل) من نفوذ الحساب والعقلانية الأداتية وإعادة الاتصال بالمصادر الروحية الأخلاقية للخيال والتضامن الدينيين .[33]

ج- الليبرالية الشاملة

كان رد تايلور على النزعة الإنسانية الحصرية هو "تعددية الحياة الروحية"؛ فتؤسس مقاربته الجينالوجية التشخيصية للحداثة النهج السياسي للنزاعات الجارية المتعلقة بالدين، ويهدف إلى المساهمة في التفاعل المفتوح والمصالحة بين الخيارات المختلفة في أوقات "الحروب" الثقافية والدينية.[34] يرى أن "أسطورة التنوير" قد أسست تحيزًا سياسيًا وإبستمولوجيًا يرى الدين كتهديد اجتماعي وتوجه وهمي. ويحاجج بأننا بحاجة إلى تجاوز هذه الرواية الإقصائية لتبني فهم مفتوح للعلمانية السياسية هدفه الرئيس "إدارة التنوع الديني والميتافيزيقي الفلسفي للآراء (بما في ذلك وجهات النظر غير الدينية والمعادية للدين) بشكل عادل وديمقراطي".[35] يعتقد تايلور، على عكس راولز وهابرماس، أن اللغات الدينية يجب أن تكون موضع ترحيب على قدم المساواة في العمليات التداولية للمواطنين والممثلين المنتخبين. واذا كان يتطلب حياد الدولة ألا تعطي اللغة الرسمية التي تُصاغ بها القوانين والقرارات اعترافًا خاصًا لأيً رؤية شاملة  كتلك التي تحمله "الكتب المقدس"؛ فسيكون من غير المناسب أيضًا وجود بند تشريعي ينص مثلا على قول " ماركس، الدين أفيون الشعوب"، أوقول كانط "أن الشيء الوحيد الجيد بدون شروط هو الإرادة الخيرة".[36] ياتي هذا الخط من الجدل في فكر تايلورفي سياق معين؛ كرد فعل على النزاعات التي تقسم سكان مقاطعة كيبيك الكندية حول دور الدين في المجال العام وقضايا الهوية الجماعية، والعلاقات بين الكنيسة والدولة، وإجراءات إدارة طلبات التكامل الثقافي والديني.[37] فبينما موقف الجمهورية الفرنسية في كيبيك ضد المظاهر الدينية في المجال العام، تعترف الليبرالية التعددية بالدين كعنصر حيوي للحياة الديمقراطية. كان على مشروع تايلور للمصالحة في كيبيك  أن يقدم توضيحًا لأهمية علمانية الدولة. وكان على تحليله ان يعالج  السؤال الاجتماعي التاريخي "كيف نشأت ظروف الإيمان الجديدة؟" ولا يتوقف فقط عند السؤال السياسي "ما هي أهمية علمانية الدولة في الظروف الجديدة لتعددية المعتقدات؟"

تجيب الجمهورية العلمانية على السؤال السياسي من خلال السعي النشط للفصل بين السياسة والدين كهدف مركزي للدولة. يشير تايلور إلى أن علمانية الدولة غير قابلة للاختزال  في مبدأ الفصل: فليس هذا الفصل سوى بُعد واحد من أبعاد العلمانية، ولكن تحويله الى هدف أو غاية أمر مشكوك فيه معياريًا وضار عمليًا. أولاً، إن إضفاء الطابع المطلق على الفصل النموذجي للجمهورية الفرنسية ليس محايدًا من الناحية المعيارية: تقوض العلمانية، أبعاد الهويات والخصوصيات من نشاط الدولة، والمبادئ العقلية الأساسية لحرية الضمير والدين. ثانيًا، يولد النموذج العلماني مزيدًا من الإحباط والانقسام من خلال تجاهل حقيقة أن التكامل الاجتماعي يتحقق عن طريق المعرفة والتبادلات بين المواطنين وليس عن طريق تهميش الآخر أو تقييده.

يحاجج تايلور بأن علمانية الدولة هي ممارسة متعددة المستويات تتسم بالتوترات والمعضلات الداخلية.[38] فغالبًا ما يتم الخلط بين مستويين: مستوى المبدا الأساسي الأخلاقي الذي يتشكل من خلال أهداف الدولة العلمانية؛ والمستوى المؤسسي المكون من وسائل تحقيق هذه الأهداف. تتضمن العلمانية، على المستوى المؤسسي، مبدأين أخلاقيين يتعلقان بمجال القيم التأسيسية والأخلاق الأساسية، ويرددان وجهة نظر تايلور المبكرة عن السياسة المتشعبة للأعتراف بالاحترام المتساوي وبالاختلاف. فالمبدأن الأخلاقيان اللذان يشكلان غايات الدولة العلمانية هما الاحترام المتساوي لحرية الضمير والدين. ليست هذه المبادئ في وئام دائمًا؛ فيمكن أن تنطوي حماية حرية الضمير على الاعتراف بالاختلاف وبالتالي تتجاوز مجرد احترام  المساواة في الكرامة.

تتحقق الغايات الأخلاقية للدولة العلمانية من خلال مبدأين أو ترتيبات مؤسسية: الفصل بين الدولة والدين وحياد الدولة فيما يتعلق بالمعتقدات الدينية والعلمانية. الانفصال والحياد هما وسيلتان تسعى من خلالهما الدولة العلمانية إلى تحقيق أهدافها، ويمكن أن يكونا في حالة توتر أيضًا. لا يعني المزيد من الحياد مزيدًا من الانفصال بالضرورة: لا تتطلب المعاملة المحايدة للأشخاص من معتقدات مختلفة الفصل دائمًا ولكنها تتضمن اعترافًا عامًا نشطًا بالأعباء المحددة الناتجة عن وجود معتقدات محددة أحيانًا. كحالة المسلمين على سبيل المثال في فرنسا الذين، وفقًا للدراسات التجريبية، يواجهون عوائق كبيرة في سوق العمل.[39] لا تقوم سياسات الدولة العادلة لمعالجة هذا الوضع التمييزي على زيادة فصل الدولة عن الدين ولكن على مشاركته النشطة. يجب استخدام المبادئ المؤسساتية اعتمادًا على فائدتها وعدالتها في تحقيق الغايات الأخلاقية للدولة العلمانية، وليس العكس. إن العيب الرئيس في النموذج العلماني هو تحويل الوسائل إلى أهداف. فكانت نتيجة بالعكس حيث اصبح الانفصال والحياد كآليات مؤسسية فتنة على حساب الغايات الأساسية للدولة العلمانية.

يتصور تايلور، أن هذا الإطار الليبرالي التعددي يتضمن نوعين من التكييف يتوافقان مع المواطن والطريق القانوني الذي يٌتخذ.[40] يهدف مسار التكييف مع المواطن إلى نزع الشرعية عن الدين ومنح السلطة للمواطنين وتمكينهم. ويعتمد مسار التعديلات غير القانونية على التفاوض والحوار والبحث عن حل وسط. وهدف ذلك إيجاد حل يرضي الطرفين. بينما يكون المسار القانوني هو الحل الوحيد المتاح أحيانًا، إلا أنه يكون طريق المواطن إلى التفاوض والتسوية هو الأفضل في جميع الحالات الأخرى.[41] ومع ذلك ليس من الممكن تجنب المحاكم دائمًا.  يجب أن تتوافق مطالبات الاعتراف مع الإجراءات الرسمية المقننة التي تحدد الفائز والخاسر بموجب المسار القانوني للتسهيلات المعقولة. إن "التسهيلات المعقولة" مصطلح قانوني ظهر بداية مع قوانين العمل، وينطبق على مجالات مختلفة، بما في ذلك الدين.

يوفر تايلور أساسًا فلسفيًا لهذا الفهم فيما يتعلق بالمعتقدات الأساسية. وتعكس  حجته هذه  سياسات الأعتراف المبكرة التي قال بها إلى حد كبير. وتهدف وجهة نظره إلى مواجهة بعض أشكال التمييز التي اعتبرتها المحاكم غير ذات تأثيرمباشر؛ فتشير إلى قواعد عامة (الأوضاع والقوانين وما إلى ذلك) التي لا تستبعد مسبقًا أو تهمش أو تتكبد مشقة أو تكلفة لا داعي لها على أي فرد أو مجموعة ومع ذلك لها آثار تمييزية غير مباشرة تجاه الأفراد بسبب سمات معينة مثل الإعاقة الجسدية أو العمر أو المعتقد الديني. تتطلب هذه الحالات علاجات تفاضلية وليست تفضيلية.[42]

تنشا تدابير المواءمة أو الأنسجام لأسباب دينية من نفس المنطق المتعلق بالتمييز غير المباشر. لكن هل تقف الادعاءات الدينية بالاعتراف على قدم المساواة مع الادعاءات  التي تستند إلى أسباب متعلقة بالصحة؟ تم تطوير إجابة تايلور الإيجابية بشكل معاكس: إن عدم الاعتراف بالاختلاف الديني يمثل نوعًا من الأذى.[43]

ليس الدافع وراء هذا الموقف هو يجب أن تمنح الدولة اعترافًا خاصًا بالدين، ولكن يجب أن تعترف بالمعتقدات الأساسية باعتبارها حيوية لتطوير الهوية والحياة المتكاملة. ويشير تايلور إلى أن المعتقدات الدينية ليست خاصة في حد ذاتها، لكنها تمثل نوعًا من المعتقدات الأساس. إذا كان لابد من استيعاب الادعاءات الدينية والاعتراف بها، فهذا ليس بسبب كونها دينية، ولكن كونها معتقدات أساسية- أي معتقدات مكونة للهوية، والشعور بالكمال، وإدراك الحرية وتحققها. تختلف المعتقدات الأساس بشكل قاطع عن المعتقدات والتفضيلات الذاتية بسبب الدور الحيوي الذي تلعبه في الهوية الأخلاقية للأفراد ونزاهتهم وكمالهم؛ إنها تسمح للناس ببناء هويتهم الأخلاقية وممارسة قدرتهم على الحكم في عالم القيم فيه محتملة وخطط الحياة متعددة وغالبًا ما تتنافس مع بعضها البعض. تعتمد النزاهة الأخلاقية، بالنسبة إلى تايلور وماكلور، على درجة التطابق بين أفعال شخص واحد وما تعتبره واجباته والتزاماته الأكسيولوجية. نظرًا إلى الأهمية الحاسمة للاعتراف "كلما زاد ارتباط الاعتقاد بإحساس الفرد بالنزاهة الأخلاقية، كلما كان شرطًا لاحترامه لذاته، ويجب أن تكون الحماية القانونية التي يتمتع بها أقوى".[44] إذا كان الاعتقاد مبنيًا على تقييمات قوية ويساهم في "إعطاء معنى وتوجيه لحياتي" باعتباره "شرطًا لأحترام الذات"،[45] عندئذٍ يمكن أن يولد التزامًا بالتكيف إما من خلال توسيع القاعدة القائمة، أو من خلال الإعفاء منها. لذلك يمكن أن يكون التكييف مطلوبًا من أجل تجنب الأذى، أي لتعزيز النزاهة الأخلاقية والامتلاء والحرية الفردية. قد يشمل هذا الفضاء من الإدراك الذاتي والامتلاء احترام الخيارات الدينية التي تقصر تطوير بعض القدرات الشخصية، حيث تدعو بعض الأديان إلى التحول الجذري والتغلب على الذات.

***

الدّكتور عليّ رّسول الرّبيعيّ

........................

[1] Taylor, C. (1989a) Sources of the Self: The Making of tl1e Modem Identity. Cambridge, MA: Harvard University Press.335-336.

[2] Taylor, C. (2007a) A Secular Age.16.

[3] لا يعرِّف تايلور "الروحانية" ، حتى لو كان ذلك مركزيًا في تشخيصه للحداثة ولسياسة الحداثة . ويبدو أنه يشير ضمنيًا إلى أنه مثلما لا تحتاج الحياة الروحية إلى أن تكون دينية ، فإن الحياة الدينية يمكن أن تكون خالية من الروحانية (كما هو الحال في التطبيق الميكانيكي للقواعد والإجراءات الدينية). يميز تايلور بين الفهم السطحي والعميق للروحانية.

Taylor, C. (2007a) A Secular Age.38-40

لتحليل أكثر منهجية للروحانية أنظر:

Comte-Sponville, A. (2012) The Little Book ef Atheist Spirituality. London: Penguin.

[4] Taylor, C. (1999a) "A Catholic Modernity?" 22-23

وهذا ما يسمى في مصادر الذات وكتابات أخرى "تأكيد الحياة العادية". يقول تايلور: إن ما كنت أحاول أن أشير إليه بهذا المصطلح هو الثورة الثقافية في الفترة الحديثة المبكرة ، والتي أزاحت الأنشطة العليا للتأمل من حياة المواطن ووضعت مركز ثقل على الخير في الحياة العادية والإنتاج و الأسرة. وينتمي إلى هذه النظرة الروحية إلى أن اهتمامنا الأول يجب أن يكون زيادة الحياة وتخفيف المعاناة وتعزيز الازدهار. هذا الارتباط ، الذي يشكل مكونًا رئيسيًا في نظرتنا الأخلاقية الحديثة.

[5] Taylor, C. (1999a) "A Catholic Modernity?23.

[6] Taylor, C. (1999a) "A Catholic Modernity?27.

[7] يقول تايلور: "المنظور الروحي سوف يفترض أنه في مكان ما ، في أعماقنا ، سنشعر بالانجذاب للاعتراف والعيش فيما يتعلق بما يعرفه على أنه واقع روحي". ما يعنيه تايلور بعبارة "الواقع الروحي" يبقى ، مع ذلك ، غير محدد انظر:

Taylor, C. (2007a) A Secular Age. 620.

[8] Taylor, C. (2007a) A Secular Age. 530

يمكن للتركيز على التعالي وخير ما وراء الحياة أن ينفصل عن أحد الجذور الدينية ، ألا وهو الافتتان بالعنف والموت. يقول تايلور: إنني أميل إلى التكهن أكثر وأقترح أن قابلية الإنسان الدائمة للفتن بالموت والعنف هي في الأساس مظهر من مظاهر طبيعتنا كدينيين. من وجهة نظر الشخص الذي يعترف بالتعالي ، فهو أحد الأماكن التي يذهب إليها هذا الطموح بسهولة أكبر عندما يكون ممتلئًا ليأخذنا إلى هناك. هذا لا يعني أن الدين والعنف مجرد بدائل. على العكس من ذلك ، فقد عنى أن معظم الأديان التاريخية كانت شديدة التعقيد مع العنف ، من التضحية البشرية إلى المذابح الطائفية. يبقى معظم الدين التاريخي موجهًا بشكل ناقص للغاية إلى ما بعده. إن الصلات الدينية لعبادة العنف بأشكاله المختلفة واضحة بالفعل. ما قد يعنيه ذلك ، مع ذلك ، هو أن الطريقة الوحيدة للهروب تمامًا من الانجذاب نحو العنف تكمن في مكان ما من الورم إلى التعالي - أي من خلال الحب الخالص لبعض الخير ما بعد الحياة.

Taylor, C. (1999a) "A Catholic Modernity?28-29.

[9] Taylor, C. (1999a) "A Catholic Modernity? “, 20.

[10] Taylor, C. (1999a) "A Catholic Modernity?",: 21.

[11] Taylor, C. (2007a) A Secular Age. 430.

[12] Taylor, C.(2007a) A Secular Age.818, n. 23.

[13]Taylor, C.(2007a) A Secular Age.143.

[14] Taylor, C. (1999a) "A Catholic Modernity? “: 21.

[15] Taylor, C. (2011f) Dilemmas and Connections: Selected Essays. Cambridge, MA: Harvard University Press.17.

[16] Gandhi, M. (1993) An Autobiography: The Story of my Experiments with Truth. Boston, MA:

Beacon Press.

[17] Taylor, C. (1999a) "A Catholic Modernity? “: 21.

[18] يرى تايلور  أن هذه الرؤية تتجاهل أيضًا مساهمة الإرث اليهودي المسيحي في تكوين الحداثة السياسية - على سبيل المثال. الفكرة الرئيسية للحقوق غير المشروطة كـ "إطالة أمد الإنجيل".

Taylor, C. (1999a) "A Catholic Modernity? “: 56.

[19] Taylor, C.(2007a) A Secular Age.7.

[20] Taylor, C.(2007a) A Secular Age.3.

[21] Taylor, C.(2007a) A Secular Age.3

[22] وهي التي تمنع الأشخاص  غير المتوافقين  أو العدائين من الأتصال أو الأضرار ببعضهم البعض.

[23]Taylor, C.(2007a) A Secular Age.566.

[24] Taylor, C. (1999a) "A Catholic Modernity?",: 19.

[25] Taylor, C. (1999a) "A Catholic Modernity?

[26] تمرد نيتشه على فكرة أن هدفنا الأسمى هو الحفاظ على الحياة وتحسينها، لمنع المعاناة. إن فهم نيتشه للحياة المعززة، والذي يمكن أن يؤكد نفسه تمامًا، يأخذنا إلى ما وراء الحياة أيضًا، ويشبه في هذا المفاهيم الدينية الأخرى للحياة المعززة (مثل "الحياة الأبدية" في الأديان  ذات التقليد الإبراهيمي). لكنه يأخذنا إلى أبعد من ذلك بدمج الافتتان بإنكار الحياة والموت والمعاناة. إنه لا يعترف ببعض الخير الأسمى وراء الحياة، فيرى نفسه بهذا المعنى أنه مناقض للدين تمامًا.

Taylor, C. (1999a) "A Catholic Modernity? 27-28.

[27] Taylor, C. (1999a) "A Catholic Modernity?",: 28.

[28] Taylor, C.(2007a) A Secular Age.455.

[29] Taylor, C.(2007a) A Secular Age.566.

[30] Taylor, C.(2007a) A Secular Age.15.

[31] طور تايلور فكرته القائلة بأن الفهم المبتور للحداثة والعقلانية (التي تعتبر الليبرالية السائدة فيها عمومًا) يهدد جوهر المشروع الديمقراطي الليبرالي ، أي الحرية الشخصية. كما يجادل تايلور ، "الأسبقية الميتافيزيقية للحياة خاطئة وخانقة. استمرار هيمنتها يعرض الأولوية العملية للخطر".  Taylor, C. (1999a) "A Catholic Modernity?",29.

[32]   يشير تايلور  في كتابه " عصر علماني" إلى أن الدين وحده هو القادر على "توفير" تجارب عدم المعاملة بالمثل هذه. لكن تجارب العطاء والتسامح والصدقة ليست بالضرورة تجارب دينية. بشكل عام ، يشير تايلور فقط إلى أهمية عدم المعاملة بالمثل بالنسبة للممارسة الأخلاقية ، وهي فكرة تتناقض مع نماذج الأخلاق والسياسة القائمة على المعاملة بالمثل عند راولز وهابرماس.

[33] Gagnon, B. (2014) "Reconciling Diversity and Solidarity? A Critical Look at Charles Taylor's Conception of Secularism", in Requejo, F. and Ungureanu, C. (eds) Law,  Religion  and  the State. London and New York: Routledge: 106-120.

[34] Bouchard, G., and Taylor , C. (2008) "Consultation Commission on Accommodation Practices Related to Cultural Differences , Building the Future : A Time for reconciliation. R eport".www.mce.gouv.qc.ca/publications/CCPARDC/ rapport-final-integral-en.pelf (last accessed 29 March 2017).

-Stepan, A. and Taylor, C. (eds) (2014) The Bo1mdaries of Toleration. New York: Columbia Uni­versity Press.

يظل التضامن والتماسك محوريين في مشروعه: فهما لا ينبثقان من إجبار الخصوصيات (الدينية) على المجال الخاص ، ولكن من تفاعلهما المتبادل وتعلمهما وحوارهما في المجال العام.

Gagnon, B. (2014) "Reconciling Diversity and Solidarity? A Critical Look at Charles Taylor's Conception of Secularism"

[35] Taylor, C. (2014) "How to Define Secularism", in Stepan, A. and Taylor, C. (eds) Bo,mdaries of

Toleration. New York: Columbia University Press: 59- 78.59.

[36] Taylor, C. (2014) "How to Define Secularism",72.

[37] Bouchard, G., and Taylor, C. (2008) "Consultation Commission on Accommodation Practices Related to Cultural Differences, Building the Future: A Time for reconciliation.

[38] Taylor, C. (2011f) Dilemmas and Connections: Selected Essays.

[39] Connor, P. and Koenig , M. (2015) "Explaining the Muslim Employment Gap in We stern Europe: Individual-level Effects and Ethno-Religious Penalties", Soda/ Science Research 49: 191-201.

Silberman, R., Alba, R., Fournier, I. (2007) "Segmented Assimilation in France Discrimination in the Labour Market Against the Second Generation", Ethnic and Radal Studies 30(1): 1- 27.

[40] Bouchard, G., and Taylor, C. (2008) "Consultation Commission on Accommodation Practices Related to Cultural Differences, Building the Future: A Time for reconciliation.

[41] Bouchard, G., and Taylor, C. (2008) "Consultation Commission on Accommodation Practices Related to Cultural Differences, Building the Future: A Time for reconciliation.19.

هذا جيد لأسباب مبدئية وعملية: من الجيد أن يتعلم المواطنون أنفسهم كيفية إدارة خلافاتهم واختلافاتهم وتجنب ازدحام المحاكم. إن "الروح" والقيم التي يقوم عليها طريق المواطن (التبادل والتفاوض والاعتراف المتبادل) تعزز المجتمع السياسي. يتيح هذا المسار للشركاء "الانخراط في مفاوضات تؤكد في نفس الوقت على نهج سياقي وتداولي" للقضايا الخلافية. يعد السياق ملائمًا لأنه يأخذ في الاعتبار "الطبيعة الفريدة للحالات الفردية". يمكن للمشاركة المتبادلة أن تغذي التفكير والحوار ، في حين أن المنطق القانوني الثنائي للفوز / الخسارة يمكن أن يولد الاستقطاب ويؤدي إلى الانهيارات التواصلية.

. Bouchard, G., and Taylor, C. (2008) "Consultation Commission on Accommodation Practices

Related to Cultural Differences, Building the Future: A Time for reconciliation.168.

[42] Bouchard, G., and Taylor, C. (2008) "Consultation Commission on Accommodation Practices Related to Cultural Differences, Building the Future: A Time for reconciliation.161.

[43]  مثال ذلك النظر في قضية تحريم ارتداء اللحى على ضباط الشرطة. يبدو أنه من غير المقبول أن يتمتع شخص ما بإعفاء من القاعدة العامة إذا كان يعاني من حالة صحية تتطلب منه إطلاق لحيته لتجنب الأذى الجسدي. لكن هل المزاعم الدينية لإطلاق اللحية تتساوى مع الادعاءات التي تنطوي على مشاكل صحية؟ هذا هو السؤال في القضية الأمريكية الأخوية للشرطة ضد مدينة نيوارك (1999) ، حيث اعترض ضابطان مسلمان سنيان على القاعدة ، مستشهدين بمعتقداتهم الدينية كمبرر. حكم قاضي المحكمة العليا صموئيل أليتو ، الذي كان قاضي استئناف فيدرالي في ذلك الوقت ، لصالح الضابطين ، مشيرًا إلى إعفاءات مماثلة تم تقديمها في الماضي لأولئك الذين يعانون من أمراض جلدية. يتفق تايلور وماكلور مع هذا الموقف حيث : يمكن أن يؤدي سوء التعرف على الادعاءات الدينية ذات الصلة إلى ضرر متساوٍ.  قد تختلف طبيعة الضرر- رمزي أو معنوي - ومع ذلك فالضرر هو ضرر.

Maclure, J. and Taylor, C. (2011) Secularism and Freedom of conscience. Cambridge, MA: Harvard University Press,77.

[44] Maclure, J. and Taylor, C. (2011) Secularism and Freedom of C onscience,76-77.

[45] يتناسب مفهوم تايلور مع إجماع راولز المتداخل ، إلا أنه يصل إليه من خلال مسار اجتماعي تاريخي مختلف.

في المثقف اليوم