أقلام حرة

بروتوكولات حكماء عربون

علجية عيشمشروع بإمكان قادة العرب أن يضعوه كما وضع قادة اليهود بروتوكلاتهم، لتحقيق مخططهم في الاستيلاء على العالم، ليس مستحيل طبعا أن يتحقق هذا المشروع لإعادة إحياء الأمة العربية ونهضتها، إذا تخلت الأمّة العربية عن التطبيع" وأوقفت التقاتل فيما بينها، فالصراعات بين الأنظمة العربية جعلت من العرب أضحوكة العالم الغربي، كشفوا عن هزيمتهم أمامه، فأصبح الغرب يتحكم في مصائرهم، يفصل في منازعاتهم عن طريق البرلمان الأوروبي، ويتحكم حتى في خبزهم اليومي، لعل الوقت قد حان لتحليلٍ ملموسٍ لوضعٍ ملموسٍ بعيدا عن التفلسف والتجريد النظري عند البحث في هذه القضايا التي جعلت العرب والمسلمون في مؤخرة الصفوف، قد يقول قائل أن الإنسانية تسير في خطٍّ تطوريٍّ صاعدٍ ومتوازي، لكن مجاري تطور الأمم كما يرى مراقبون، غير متماثلة ولا تمر بالتالي عبر مجرى واحد محدود، فنجاح الغرب فاق العرب وتخطاهم بأشواط عديدة، عندما استيقظ الشعور القومي في أوروبا في معمعان نضال طبقي واحد، ونضج هذا الشعور في بعض البلدان كفرنسا في حرب طبقية فعلية بين جماهير الشعب وبين سادة الأرض من النبلاء الذين امتلكوا السلطة، فأصبحوا يحكمون ويضعون القوانين، فيما اصطلح عليها بالثورة البرجوازية.

هي نفس الثورة يقول بعض المؤرخين قادتها جماهير أخرى في ألمانيا، بخلاف الأمة العربية التي عرفت الإنقسامات، لا لشيئ، إلا لأن الإسلام، أتم عملية التفاعل والصهر في البلدان التي وصل إليها الفتح العربي آنذاك، وحطّم الشكل القبلي للجماعات العربية، ليحميها من التفتت والإنقسامية، إلا أن السياسة التي جاء بها الإسلام لم تلق قبول الأمويّين حيث استخدمت بقايا الشعور القبلي لإنتزاع السلطة، فكانت النتيجة تشرذم الأمة العربية التي لم يعد لها وجود الآن سوى على الورق، وما نراه اليوم سوى جماعات عربية تشترك في الدين فقط، لكنها تختلف في المذهب وحتى في اللسان وفي العادات والقيم، فكل جماعة لها طقوسها ومبادئها وخطابها، تسعى بهم فرض هيمنتها في الأرض كما نراه اليوم بين التيار الأمازيغي العروبي، والتيار العروبي الفرانكفوني، في وقت كانت العروبة حقيقة ملموسة عاشها الشعب العربي في لسانه وفي تراثه وفي حضارته، يذكر التاريخ كيف فشلت القومية العربية أمام نفسها وأمام القوميات الأخرى، حيث راحت الأقلام تقارن بين الشعوب العفوية والشعوب القائدة.

وقد وضعت بعض الأقلام "القوميون الألمان" الذين أعلنوا معاداتهم للسامية في مقدمة الصفوف وهم يتحدثون عن "شعب الشعوب" وصياغتهم النظريات حول الخصائص الأصيلة الفريدة لأمتهم، فقدوحدت ألمانيا صفوفها وصفوف شعوب اخرى (بولونيا) وأيقظت القوميات النائمة (قومية جمهور الفلاحين) لدرجة أن الإمبراطورية الفرنسية استنجدت بالجزائريين في حربها مع الألمان في منتصف الأربعينيات، عاد فيها النصر لفرنسا فيما عرفت باحداث 08 ماي 1945، والتي سجلت الجزائر فيها خسائر بشرية تعدّ بالآلاف، لعل الوقت قد حان لكي تستعيد الأمة العربية نهضتها، عن طريق بعث مشروع وحدوي متكامليكون عبارة عن "خارطة طريق عربية" تكون تحت اسم "بروتوكولات حكماء عربون" تضع فيها مبادئ وقواعد وأسس، من خلالها تعيد نظرتها للتاريخ والأحداث وتجعل منهما حركة هزّازة تسير معه في ديمومة مستمرة، أم أنها تنتظر هبّة ألمانية تعيد لها مجدها المفقود؟

 

علجية عيش

 

 

في المثقف اليوم