أقلام حرة

علجية عيش: بوتين على خطى ستالين وأمريكا تصفه بمجرم حرب

في ظل مطالب بإنشاء محكمة حديدة على غرار محكمة نورمبرغ لمحاكمة بوتين والمتواطئين معه لارتكابهم جريمة دولية تتمثل بالحرب العدوانية على أوكرانيا تسبب فيها بوتين في مقتل آلاف المدنيين وفرار المئات منهم خارج أراضيهم، كيف تغسل روسيا بقيادة النازي بوتين يدها من دم المدنيين الأوكرانيين، بعدما وصفته أمريكا بأنه مجرم حرب؟ فالحرب بين روسيا وأوكرانيا ليست حربا شعبية، وإنما هي حرب بين دولة ودولة دستورها ونظامها يختلف عن الأخرى، ومن حق الأوكرانيين أن يدافعوا عن ارضهم ويواجهون العدوان الروسي عليهم، تريد روسيا أن تظهر بمظهر القويّ من أجل إعادة العالم إلى ما قبل الرأسمالية، أي انها تريد العودة إلى الماضي في العالم الغربي مثلما فعلت الثورة الإسلامية أيام الخميني في العالم العربي الإسلامي، ثم أننا لم نقرأ عن موقف رجال الدين الرّوس من هذه الحرب، فقد كانت الكنيسة حاضرة في كل الصراعات

مقتل الف أوكراني من مختلف الأعمار لجأوا إلى المسرح هروبا مع عمليات القصف الروسية هو عبارة عن إبادة جماعية تشبه إلى حد ما الإبادة الجماعية التي قام بها النظام النازي في حق اليهود وأعادت إلى الأذهان ما فعله هتلر باليهود، فبوتين أظهر إعجابه بالقتل الجماعي سواء كان عن طريق المحرقة (الهولوكست) أو عن طريق القصف، فالقتل جريمة مهما اختلفت وسائله، ولا شك أن الكثير يعلم بما فعلته الدولة النازية (الرايخ الثالث)، عندما قام النظام النازي وحلفائه مثل نظام فيشي الذي تعاون مع المحتلين النازيين الألمان، حيث قام بتخطيط وتنفيذ الهولوكوست (المحرقة) وهو القتل الجماعي لليهود وهم من اعتبرهم النظام النازي العدو العنصري.

 وقصة الإبادة الجماعية لليهود كانت من ابتكار الزعيم النازي هتلر، عندما أعلن إبادتهم من العالم منذ مجيئه إلى السلطة في سنة 1933، وبدأ بمطاردتهم من كل النواحي، لم يكن ذلك إلا بداية انتقام هتلر من اليهود، حيث كان يعيش في ذلك الوقت حوالي ثلثي يهود العالم في أوروبا، عندما غزت الجيوش الألمانية روسيا في يونيو (جوان) 1941 أعد هتلر خُطَّة قتل جماعي لكل اليهود، حيث جمعهم في معسكرات خاصة على أساس وجود مهمة عسكرية، ثم أصدرت لهم الأوامر بأن يحفر كل واحد منهم قبره بنفسه، ثم اصطف اليهود صفا واحدا بجوار قبورهم وأُطْلِقَ عليهم الرصاص، انتقاما لما سبّبه اليهود من تخريب للإقتصاد الألماني وتفكيك وحدة الشعب الألماني وإذلاله.

 لم يكتف هتلر بهذه الطريقة في إبادة اليهود ومحو آثارهم من العالم، بل أعد لهم طرقا أخرى للموت، حيث أقام لهم الألمان أفرانا خاصة لحرقهم، إلى جانب استعمال الغاز السّام، واستمرت عملية الإبادة إلى غاية سنة 1945، ولولا تدخل القوات الأمريكية والإنجليزية التي أنقذت بعضهم من معسكرات هتلر لتمكن هتلر من محو وجودهم نهائيا، هكذا نجحت نظرية المؤامرة في بلد آمن بافشتراكية وبحقوق الإنسان كروسيا، فالنظام الأوكراني لم يخرب الإقتصاد الروسي كما فعل اليهود بالإقتصاد الألماني، جاء في كتاب الماسوني الأب بارويل بعنوان "مذكرات لخدمة تاريخ اليعاقبة" تناول فيه القضية اليعقوبية، أن ألمانيا النازية في الفترة بين 1941 و1945 حاولت إبادة بين 05 و06 مليون يهودي أوروبي.

 لم تكن المحرقة موضوعية في العقود الثلاثة الأولى بعد الحرب العالمية الثانية، لأن المؤرخين لم يولوا لها اهتماما، وظن البعض أن الإبادة الجماعية اخترعها اليهود لتبرير مطلبهم من قيام إسرائيل، ما دفع بالنشطاء المعادون للسامية لإعادة كتابة التاريخ، حتى جاء الفيلسوف روجر جارودي، الذي رأى أن النفي ثابت واعترف بخطئه وصحح أفكاره فيما يتعلق بحقيقة الغولاج السوفياتي (الغولاغ) وهي اختصار للمديرية الرئيسية للمعسكرات التي كانت من رموز القمع والترهيب والاعتقال والعمل القسري في الاتحاد السوفياتي، تم إنشاؤها في عهد لينين في 1919، بعد 18 سنة من صدور قانون غايسوت Gayssot، أعترفت ألمانيا بـالمحرقة (الهلوكوست)، وإن كان في الحرب كل شيئ ممكن وكل شيئ جائز، لكن أن يكون القتل جماعيا في شكل إبادة فقد اعتبرته القوانين الدولية جريمة ضد الإنسانية، فروسيا تحولت من دولة اشتراكية إلى دولة نازية تمارس كل اساليب القمع والعنف في حق المدنيين ولا تختلف جرائمها عن جرائم فرنسا في حق شعوب شمال افريقيا، هكذا ينتقم السياسي وينتقل من مرحلة السلمية إلى مرحلة انتقالية ثورية فيكون في موقع السيطرة ضاربا في ذلك كل المعاهدات والمواثيق الدولبة.

كيف تغسل روسيا بقيادة النازي اليهودي فلاديمير بوتين يدها من دم المدنيين الأوكرانيين، وهو الذي يتمتع بأساليب القمع باعتباره ضابط مخابرات سابق بعدما وصفته أمريكا بأنه مجرم حرب؟، وإذا قلنا بوتين يعني إسرائيل وبوتين ليس معاديا للسامية ولا مناهضا لإسرائيل، يرى مفكرون أن الصعاب التي يجتازها الكفاح المسلح في اوكرانيا توجب على العالم أن يحتاط للتقلبات الفجائية وأن يعيد النظر في نظرية الكفاح الثورية وتحليل التاريخ من جديد، ثم التساءل إن كان الرئيس الروسي انطلق في غزوه أوكرانيا من أسس ماركسية لينينية ؟، ثم ما موقف الديمقراطيون الروس من غزو أوكرانيا؟ يقود هذا السؤال إلى الطرح الذي قدمه ريجيه دوبريه في إحدى دراساته أن الديمقراطيون الروس يفكرون بالغريزة في إعادة تجاربهم ومنها تجربة "كومونا باريس" في بيتروغراد، وبالغريزة ايضا فكر الشيوعيون الصينيون في العشرينيات بأن يعيدو في كانتون تجربة أكتوبر الروسية، لكن الحرب بين روسيا وأوكرانيا ليست حربا شعبية، وإنما هي حرب بين دولة ودولة وكل دولة لها دستورها ونظامها وحاكم يسير شؤونها.

 ما يلاحظ أن ما يحدث في روسيا وأوكرانيا ليس حرب عصابات، بل مواجهة عسكرية بين جيش (روسي) يأسلجته وصواريخه، وجيش مضاد (أوكراني) هذا الأخير اتخذ اسلوب المواجهة ومن حق الأوكرانيين أن يدافعوا عن ارضهم وثرواتهم ويواجهون العدوان الروسي عليهم، ما يمكن أن يقال أن النظام النازي في ألمانيا بقيادة هنلر يعود اليوم للتجسد في النظام الروسي، الذي يواجه اليوم مواجهة شرسة من قبل الجيش الأوكراني وحتى المدنيين الأوكرانيين في التصدي للعدوان الروسي، هذا التصدي هو أسلوب طويل النَّفَسْ ويحتاج إلى مقاومة لتشتيت قوات العدو، رغم أن النتيجة تكون بالخسارة يتكبها الطرفان معا، ولهذا تلجأ أغلب الأنظمة إلى "المفاوضات" باعتبارها البديل لوقف القتال وإطلاق النار، ربما سائل يقول ماذا تريد روسيا ما أوكرانيا؟.

الجواب هو وكما يرى محللون أن روسيا تريد أن تغير الحركة المادية للتاريخ وتريد إحياء مجدها الضائع أو المفقود (الماركسية) التي يفترض أن تكون أداة لكشف الواقع (الليبرالي) في العالم كله، فالحدث الروسي الأوكراني حرك العالم كله واحتل وسائل الإعلام في افتتاحياتها وعبرشاشات التلفزيون والقنوات الفضائية، وجعل الشعوب وحتى الأنظمة العالمية تجهل القضايا الأخرى كالقضية الفلسطينية وما يحدث في العراق وليبيا ولبنان وتتابع الحدث، وكما هو معلوم ففي كل ثورة أو حرب يكون فيها الدين هو جوهر القضية، ماذا عن الحرب الروسية الأوكرانية" فإذا قلنا روسيا فهذا يعني "الماركسية " كفكر وعقيدة وكمحرك للتاريخ، أي إحلال العامل افيديولوجي الديني في هذه الحرب محل التعامل الإقتصادي، فمعظم الحروب هي حروب غيديولوجية دينية تحت غطاء اقتصادي.

 تريد روسيا أن تظهر بمظهر القويّ من أجل إعادة العالم إلى ما قبل الرأسمالية، أي انها تريد العودة إلى الماضي في العالم الغربي مثلما فعلت الثورة الإسلامية أيام الخميني في العالم العربي الإسلامي، ثم أننا لم نقرأ عن موقف رجال الدين الرّوس من هذه الحرب، فقد كانت الكنيسة حاضرة في كل الصراعات وكانت ضد أسلحة الدمار الشامل كما كانت تحمل القضايا محمل الجَدّ، ليس مع الدول الغربية فحسب، بل مع الدول الإسلامية كإيران ايام حكم الشاه رضا بهلوي الذي تمكن عام 1924 من تحرير بلاده من روسيا، وبوتين اليوم كما يرى محللون يحاول إقناع الراي العام الدولي حتى يجعل من الأراضي الأوكرانية تابعة لروسيا وأن تعيش أوكرانيا تحت سيطرته أي أنه يريد أن يحولها إلى مستوطنة. (هذه مجرد وجهة نظر)

 ***

علجية عيش بتصرف

في المثقف اليوم