أقلام حرة

صادق السامرائي: الإنسان المقهور والقلم المسعور!!

نكتب في الفكر والفلسفة وما نسميه إبداع الحداثة والمعاصرة، وننسى أن الإنسان في مجتمعنا مقهور، وفي تنور الويلات مسجور، وكالغضى الملتهب، وتجدنا نكتب عن الخبز الشهي، وأقلامنا منشغلة بالحب والغرام، والغموض والرموز والإدغام، ونستحضر ما يكتبه أبناء مجتمعات تعيش على قمة الحياة، ونحسبه سينفع الناس المتمحنين في قاع الحياة.

فهل أن الأقلام مصابة بداء السُعار؟

أم أنها تكتب بمداد المآليس؟

لا يمكن تصديق ما يُنشر على أنه إبداع، لعدم إقترابه من هموم الإنسان، وأوجاع الملايين، وآهات المساكين.

يتحدثون عن الخيال، وواقعنا أغرب وأبعد من أي خيال.

نعم إن ما يجري في الواقع لا يخطر على بال، ولا يبرق في فضاءات الخيال!!

فالواقع عطل الخيال، فلا يُتَخيّل ما يجري فيه، مهما أمعنا بأغرب وأعجب التصورات.

والمدهش أننا نتكلم عن موضوعات، وكأننا نعيش في عوالم أخرى، لا تعرف ملامسة تراب الوجيع، وحرارة الدموع، وحرائق الأنين والآهات.

فلنكتب كما نشاء، ولنطبع الكتب والدواوين، فهي بلا منفعة، لأنها تتحدث عن إنسان وهمي، فالبشر في مجتمعاتنا قتلوا الإنسان فيه، وأفرغوه من جوهره، وطمروه بالضلال والدجل المؤدين، وسحقوا عزته وكرامته، وأنكروا وجوده، ونخبنا الغارقة في أحلام يقطتها تريده أن يقرأ، وتجتهد بتوصيفاتها المتعسفة وتسمياتها المجحفة، وكأنها لا تمت بصلة للإنسان الذي تنظر إليه بعُشر عين.

فالنخب غاطسة في نرجسيتها، والمواطن غارق في الويلات والنكبات.

وتتساءل بتهكم لماذا لا يقرأ؟

فهل وجدتم مَن يقرأ وهو مدثر بالأليم؟

إن واجب النحب تحرير المواطن من قبضة الكراسي المعادية للوطن والإنسان والدين!!

فهل لنا أن نكتب بمداد أعماق الإنسان؟!!

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم