أقلام حرة

صادق السامرائي: هل نطفئ الأنوار؟!!

أقلامنا ربما تميل إلى محاربة الضياء وتعزيز إرادة الظلام، في زمن أشرقت فيه أنوار العقول وتألقت في ميادين الوجود كافة، وما عادت هناك زوايا مظلمة ومواقع معتمة، فما فوق التراب يستحم بنور المعارف والإبتكارات والعطاءات الإنسانية الأصيلة الساطعة.

وكأن أقلامنا تساهم في زيادة مساحة الإظلام وتستطيب الحندس، والتفاعل مع اللون الأسود الذي يمتص جميع الألوان.

والدافع غير جلي، وآليات الإظلام تتطور وبعوالمها الأجيال تتعثر، وتندحر في متاهات اليأس والإبلاس المقيت.

فهل وجدتم قلما يضيئ؟

هل قرأتم ما يبعث نورا في الأعماق ويبهج السطور والصدور؟

العجيب في أمرنا أننا نغرق في التأوهات والحسرات، وبث الوجيع والنحيب وعدم التفاعل مع الأمل بإصرار حيٍّ يريد.

فالسائد هو التشكي والتذمر والإقتراب السلبي من الواقع والتحديات، وتعطيل العقل وإلهاب العواطف والإنفعالات.

بل أن بعض الأقلام تتميز بالعدوانية  والوعظية الغاشمة، الحاثة على الإذعان لإرادة الكراسي الجائرة، وتسعى للإقناع بأن ليس في الإمكان خير مما كان، ولا بد من إعتبار ما يحصل قدرا من الأقدار.

وهو ذات المنطق المتكرر في الحكم منذ بداية تأسيس الدولة العربية، والتي تحول فيها الحكم إلى قدر.

إن هذا الفهم الذي يربط ما بين الكرسي والقوى العليا، ذاته الذي بدأت به البشرية أنظمة حكمها، التي يجب أن يكون فيها الملك أو الحاكم ينوب عن الإله في الأرض فحكمه قضاءً وقدرا، وتنفيذ لإرادة الإله الذي يحكم بأمره.

وهذا الأسلوب البدائي للحكم يُراد تمريره وتبريره وتسويغ معطياته وتداعياته، لتخضع العامة وتعادي الأنوار وتنكر الضوء الساطع، وتهوى الظلام والعتمة لتتعفن فيها وتنتهي، وهو قدرها المحتوم، الذي عليها أن تتقبله بنفس راضية وبلا مقاومة أو رأي.

ومن هنا فالأقلام التنويرية يقع على عاتقها دور كبير  وصعب، لشدة المقاومة والعدوانية الجاهزة والمتحفزة ضدها.

وعليها أن تتواصل  وتتحدى حتى  يطرد الضوء المعرفي أهوال الظلام والضلال، وإن النصر للنور الأصيل!!

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم