أقلام حرة

اتقوا الله في التعليم ومؤسساته

أن تجهيل المجتمع العراقي بطريقة مقصودة ومنظمة خصوصا في السنوات الأخيرة وفي الجنوب بالذات ذات الكثافة السكانية وخصوصية المجتمع فيه حيث يُراد من الجيل الجديد إيصاله إلى أدنى مستوى من الجهل العلمي والأخلاقي والفكري لتستمر معاناته إلى حد الإحباط النفسي والمعيشي ليكون عرضة للمشاكل الاجتماعية والخلقية وضحية المخدرات والشلل الكامل في كل مفاصل حياته . ففي كل يوم نرى ونلمس تدهور نظام التعليم في العراق إلى درجة مخيفة جدا في مستوى التعليم والتربية على حد سواء وفي كل سنة أسوء من سابقتها والشكاوى تتوارد تباعا والصرخات تتعالى ضد مؤسسات التعليم نشاهد من خلالها ضعف رصانة المناهج التعليمية وإدارة العملية التعليمية والتربوية برمتها والانحدار السلوكي لدى الطلبة في ظل غياب الحلول الناجعة لهذه الكارثة والجريمة بحق المجتمع الذي يطمح إلى النضوج الفكري والأخلاقي والتربوي لأبنائهم ومع الأسف نرى الحكومة ونظامها التعليمي والقائمين عليه في شغل عنه وأن كل الدعوات المتعاقبة من قبل الكثير تذهب سدى وليس هناك آذان صاغية في ظل الصراعات المحتدمة على مؤسساته لهذا فقدنا الأمل والرجاء من انتشال هذه المنظومة المهمة من الدمار والضياع .

حيث يشوب سير العملية التعليمية التخبط في إدارة هذا الصرح الشامخ في العراق قياسا لما كان عليه في السنوات الماضية حيث المكانة المرموقة والقامة العالية التي كان يتمتع بها هذا النظام كان يُشار إليه بالبنان كمؤسسة رائدة أخرجت من عباءتها الفطاحل والجهابذة العلمية والمعرفية ولها باع طويل في إنجاب أجيال يُفتخر بهم على جميع الأصعدة على عكس ما نراه اليوم في مفاصل التعليم نتيجة الحلول القاصرة والقيادة العشوائية وهشاشة إدارته فأصبحت الأسرة والمجتمع خائفا وقلقا على مستقبل أبنائه في خضم الصراعات والمتغيرات التي تعصف بالمجتمعات فنحن بحاجة إلى وقفة جادة من أصحاب القرار والضمائر الحية الذين لا يزال لديهم البقية الباقية من حب الوطن والحرص عليه في إعادة بناء مؤسساته التربوية والتعليمية إلى خطها الرصين العلمي المواكب لتطورات الحياة ومتغيراتها وإذا أريد لهذا الصرح إنقاذه فيجب العمل على إبعاد المنظومة التعليمية من أروقة السياسة والتحزب لإطلاق يد الكفاءات العلمية للنهوض بواقعه وكذلك الرعاية والاهتمام للأسر التعليمية وتحسين أحوالهم المعيشية وإعادة الهيبة للمدرس والأستاذ وتحصينه من مغريات الحياة الخاطئة وإسناده مجتمعيا في داخل وخارج مؤسساته ليكون في مأمن من التأثير الخارجي للمجتمع وبناء البنى التحتية له من مدارس وجامعات حكومية  وكما يجب الإشارة لهذه الأعداد الهائلة من الجامعات والكليات الأهلية الملفتة للنظر مقابل عدم استيعابهم في نظام الدولة بعد التخرج مما سبب عبأ كبيرا على المجتمع والسلم الأهلي وهذه المدارس الأهلية السرطان الذي ينخر جسد التعليم والتي تؤثر سلبا على مستوى التعليم الحكومي حيث سحبت البساط من قدم رصانة التعليم وكفاءته كونها السبب الرئيسي في فتور همم الأساتذة في القطاع الحكومي  واعتمادهم على المدارس الأهلية مما سبب الفارق التعليمي بين الطلبة حيث أصبحت نخبة مميزة من التلاميذ ذو الدخل العالمي عن أقراهم من الدخل المحدود وهذا خلل كبير تسبب في منع إيصال المعلومة إلى الطلاب في المدارس الحكومية وغيرها من السلبيات التي لا حصر لها تتزايد في كل موسم دراسي جديد فالدعوة الخالصة من المجتمع لأصحاب القرار اتقوا الله في التعليم ومؤسساته وفي المجتمع الذي نفقده في كل سنة على يد الأخطاء المتعمدة وعدم الرغبة في بناء هذه المؤسسة.

***

ضياء محسن الاسدي

 

في المثقف اليوم