أقلام حرة

أزهقتم روح القلم!!

أقلامنا تستغيث من سيول الغثيث الجارفة العاصفة، المتدفقة على صفحات المواقع والصحف وشاشات وسائل الإعلام، وكأن سيولها بلغت الزبى وأكثر.

ولتبرير الغثيث المقيت، تجد أصحابه أن العلة في المجتمع، لأنه لا يقرأ، وهذه فرية كبرى، فالناس في مجتمعاتنا تقرأ، وتبحث عمّا تقرأ، وقد أعياها البحث.

فمجتمعاتنا اليوم أكثر قراءة مما سبق، بأضعاف المرات بسبب أدوات ووسائل التواصل المعاصرة، فالقراءة أصبحت حاجة ملحة وضرورية ولابد منها.

المشكلة التي نغفلها قصدا، أن العلة الحقيقية في المتجنين على الأقلام، والذين يتصورون الكتابة ضربات متواصلة على أزرار الكي بورد، فتظهر الكلمات أمامهم جميلة فيحسبون أنهم يكتبون.

ولهذا أصبح كل مَن لديه جهاز كومبيوتر يرى أنه يكتب، فالكل تكتب وتكتب حتى فقدت الكتابة قيمتها ودورها، ولهذا فالذين يتصورن أن الكتابة لها دور تنويري، بعيدون عن واقع حال مجتمعاتنا التي تبخس المنشور، لأنه ليس للقراءة، وإنما لحشو السطور بما لا يُدرى فحواه.

ولو سألت العديد من الذين يكتبون عما يريدون قوله فيما ينشرون، ستجدهم بلا قدرة على الإجابة بجملة مفيدة، وإنما سيسهبون ويدورون حول ما لا يدركون.

هذه محنة الأقلام التي ستغيب عن سوح الأجيال القادمة وسيضمحل دور الورق، وستكون الشاشة والكيبورد قادة النشاط.

وعندها لنكسر كل قلم، ونحرق الدفاتر، ونرمي الكتب في سلال المهملات.

والفاتحة على الكتابة والرحمة على القلم الذي به تطورنا وعليه ثرنا.

وقد جنى على نفسه القلم لأنه علمنا، والبشر عندما يتعلم ويتقدم يخلع باءه!!

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم