أقلام حرة

هدّتنا الكورونا

حين انتشرت الجائحة وكثر الكلام عن خطرها، بين محذر منه او ساخر من مؤامرة خلفه او داع الى معالجته بتقبل ما توافقت عليه الادارات الصحية الدولية والمحلية، او.. او.. وكثرت اللقاحات واصبح لقاح فايزر الاشهر والاكثر قبولا وفي اكثر البلدان وزع منه ثلاث مرات، وصولا لقناعة الشفاء وقوة المناعة والتحدي لخطر الاصابة والتوقف من رعب اعداد الوفيات من هذا الوباء اللعين وهجوم فايروسه الشرس لاشهر عديدة تجاوزت العامين من عمر الانسان..

مثلما تجاوزت ارقام الاصابات الملايين، مثلها الوفيات طبعا، ولما تزل اخبار الجائحة والدواء قائمة وظاهرة، رغم طغيان اخبار الحرب والتآمر الامريكي وتابعه الاوروبي ومن يتخادم برغبة او اكراه معه. سواء في نشر الفيروس ومصائبه او في التخطيط للحرب وتداعياتها.. التي بلغت منها على صعيد الهجرة ارقامها بالملايين ايضا.. هذا لوحده واذا اضيفت ارقام الوفيات بالحالات الاخرى، الامراض الوبائية وحوادث الطبيعة والسيارات والجرائم المنظمة وغيرها الكثير من فواجع الراسمالية المتوحشة في اركان المعمورة..فستكون ارقاما فاجعة ومذهلة.

مرت فترة طويلة من شهري شباط/ فبراير واذار/مارس قاسية ومتعبة هدتنا فيها الكورونا، غالبة ما كنا مطمئنين منها، كوننا اخذنا اللقاح ثلاث جرعات..حسب قرارات وتعليمات الجهات الصحية وتقارير الاطباء والفيديوات الكثيرة التي نصحت بالدواء والشفاء والاقتراحات والتوصيات الصحية خصوصا. لبس الكمامة والتزام مسافة الابتعاد وعدم الدخول في التجمعات في الاماكن المعلقة والنظافة العامة دوما مع استخدام المعقمات وتعقيم كل شيء يستخدم يوميا، سواء في البيت او خارجه، ولم نخرج من البيت الا للضرورة، امتناعا واحتراما وتقديرا.. ورغم كل ذلك عرفنا اعراض الجائحة بالتجربة المباشرة، وبالانتقال المتداول العائلي، لكل فرد منا، تجاوزا للعمر والصحة والحجر الصحي والامر الواقع الذي فرض فرضا، وقبل منا بالتداوي والصبر على ما كتب لنا منه وفيه. ايام صعبة وظروف قاسية واحوال لا يقدرها من لا يعيشها ويتحمل معاناتها، ويزيدها ما يقرأه من اخبار واعداد الاصابات والوفيات اليومية وما يسمع من اخبار الانتظار وفترات الحجر في ثلاجات المستشفيات والبحث عن قطعة ارض لقبر في بلاد الله الواسعة، المنافي البعيدة، والغرباء والغربة وما ادراك ما تعنيه هذه كلها في هذه الايام!… اوراق العمر ووصيته ورسائل التذكير المتكررة والمنذرة مسبقا، ودائما وفي كل حين او في اللحظات العاصفة، الثقيلة وكانها الاخيرة..

اخذنا اللقاحات وهدتنا الكورونا وما زلنا في دوامة الجائحة، لم نتخلص منها، ولن تنتهي بعد هذه الاشهر والسنوات والملايين من الاصابات والوفيات.. فثمة متحورات مستجدة، وكل مرة تكشف عن معامل ومختبرات لفايروسات مشابهة او اشد خطرا منها، وليس اخرها ما كشف في الحرب في اوكرانيا ومن هي الدول والاجهزة التي تديرها، وتتدافع على صناعتها والمتاجرة فيها..

اخر الاخبار تقول بظهر متحورر جديد من فيروس كورونا، الذي يسبب مرض "كوفيد- 19" في بريطانيا، في وقت يقول خبراء إنه لا داع للقلق حتى الآن. ويعرف المتحور الجديد باسم (XE)، وهو خليط من سلالاتي متحور "أوميكرون" (بي إيه.1) و (بي إيه.2)، بحسب شبكة "إي بي سي نيوز" الأميركية. ويعرف هذا النوع من المتحورات، الذي يقوم على خليط من متحورات أخرى، باسم "المتحور المؤتلف".

لم اخبر احدا عما حصل رغبة في عدم الاشغال، ورفعا للاحراج وبعدا للسؤال، ولكن بين فترة واخرى، مع بعض الاعزاء تجري نقاشات حول الموضوع، وكالعادة وكما هو حال المجتمع فهناك انقسامات في الآراء وفي القرارات، وهناك من لا يصدق بعد ما يحصل في المستشفيات يوميا. ولم يبق إلا الدعاء بالخلاص من هذه الجائحة وسلالاتها، والالتزام بالقواعد والقرارات وعدم التردد بأخذ العلاجات.

***

د. كاظم الموسوي

لندن نيسان/ ابريل 2022

في المثقف اليوم