أقلام حرة

العقول الراقية تؤمن بوجود الله

من المسائل الجدلية التي تثار بين الحين والاخر وحتى منذ انطلاق الرسالة الى يومنا هذا هي مسالة الايمان بالله عز وجل، فريق يدافع ليثبت وجوده وفريق ينفي ويصر على الحاده، وحقيقة من كتب عن اثبات واجب الوجود ابدعوا في ذلك بالرغم من انهم اعتمدوا اساليب تارة فلسفية وتارة علمية وتارة كلامية وغير ذلك .

في بعض الاحيان اسلوب الاثبات قد لا يتفق ومستوى تفكير الاخر بالرغم من انني اجزم ان من يدعي الالحاد هو مدفوع من جهات ومنظمات غايتها اختراق العقل الاسلامي الرصين حتى تجعل الشك ياخذ مجاله لدى ضعيفي الايمان .

ومن خلال كثرة قراءتنا للقران وما فيه من علوم وحكم وادب وبلاغة وفقه وعقائد جعلنا ان في كل قراءة للقران نجد هنالك جديد، والله يريد بنا اليسر ولا يريد العسر ولا يكلف نفسا الا وسعها ويخاطب الناس على قدر عقولهم فان في القران ايات من صلب الواقع الاخلاقي الذي نعيشه لكفيلة بان تجعلنا نؤمن ونسجد لله عز وجل

الله خالق الخلق وقادر على كل شيء ويقول للشيء كن فيكون انزل ايات فيها من الاخلاق الراقية التي تنهض بالمجتمع والعالم برمته لا يستطيع ان ينكرها او يرفضها، فعندما يقول الله عز وجل ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان)، هل يوجد خطاب ارقى من هذه الكلمات التي تحثنا على البر اي الاحسان وان لا نتعاون على الاثم والاثم هو الحروب والعداوة والبغض وغير ذلك فهذا الذي يطلبه الله عز وجل منا لاجلنا ام لاجله؟

وعلى مستوى العائلة يقول جل جلاله (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا  إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا)، الحفاظ على العائلة واحترام الوالدين اليست من الاخلاق الراقية في الحفاظ على المجتمع؟ اليس خطاب الله من اجلنا؟، ويستمر الله في نعمه علينا ويؤكد على شريحة الايتام فيقول ( وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ) اي خلق هذه التي يطلبها الله منا ولاجلنا وليس لاجله فلماذا انكر وجوده؟

 والتعامل التجاري مع الاخرين يطلب منا الله عز وجل (وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ)، اي عدالة هذه التي يريدها الله منا لتجنب الظلم وكذلك على الميزان اولا وقول الحق مهما كان المتضرر حتى ولو من القربى (وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى)

والاروع في الايات ان من يتجاوز على احكام الله (في الحج او الافطار في رمضان او القسم الكاذب وغيرها) التي هي حقه تكون عقوبتها اطعام مساكين اي خطاب راقي هذا الذي يريده منا الله عز وجل ( فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا) (فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ) (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا)

واما حكم الزكاة التي ذكرها (28) في القران فاموال الزكاة خصصها الله لشريحة محتاجة من المجتمع منها مثلا (وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ) هذه الفئات المحتاجة للمال بالشكل الرائع لهذه الاموال هي من اجلنا وليس من اجل الله عز وجل، بل وزيادة في نعمه على عبده انه (مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا)

واما في الاقتصاد والاعتدال فان الله يقول (وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا {الإسراء/26} إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ)، فان بذرنا فنحن المتضررون وليس الله عز وجل

عندما اقرا هذه الايات التي بالفطرة والعقل هي من اجل المجتمع التي يريدها منا الله عز وجل فانني اؤمن بكل ما يريده الله منا لانه حقه اولا ومن اجلنا ثانيا، واما ماجاء به الانبياء والائمة من حكم واحكام بامر الله فانها تستحق الايمان المطلق بالله عز وجل .

فهل لدى العلماني مبادئ غير مبادئ هذه الايات او ينكرها حتى يدعي ان الدين للعبادة فقط.

***

سامي جواد كاظم

 

في المثقف اليوم