أقلام حرة

فتح الأندلس.. التزوير السافر للتاريخ المغربي!

حميد طولستالسينما أداة جبارة في التأثير على المشاهد وإيصال الرسائل المختلفة، من خلال الأفلام الساحقة التأثير على المشاهد والمجتمع، السبب الذي جعل العديد من القادة يلجؤون لقوة وقعها النافذ في تغيير آراء الحشود وتوقعاتهم بسهولة، وقدرتها على دفعهم لتغيير قناعاتهم ومبادئهم، تمهيدا لتحقيق أهدافهم، ومن أنصع الأمثلة على ذلك، هتلر وستالين اللذان استخداما الفيلم كأداةٍ للدعاية ونشر الأكاذيب، والتي نجحا فيها نجاحًا منقطع النظير أثناء الحرب العالمية الثانية،

لذا، ولكون السينما أكثر الصور الفنية تأثيرًا، ولكون تأثيرها الهائل والخطير على المجتمعات ذو حدين، ولكون العامة لا يتابعون المجالات الفنية المختلفة ولا يتأثرون بالمنحوتات أو المعمار، وبما أن الأفلام متاحة في كل وسائل التواصل، يشاهدها الكثيرون كل يوم، فتلهمهم وتوسيع قواعدهم المعرفية عن العالم، سلبًا وإيجابًا، وبناءً على ذلك وغيره كثير، كان لا بُّد من أن تتعالى أصوات عدد من أعلام النخب المثقفة والصحافة المستقلة والنقاد ضد المسلسل التاريخي "فتح الأندلس"، الذي تعرضه الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية على القناة الأولى، ويشتد الجدل حول مخاطر بثه أثناء عملية الإفطار التي تشكل ذروة المشاهدات التلفزيونية من طرف مختلف فئات المجتمع المغربي، و تجعله في وضع متميز من حيث التأثير على جمهور واسع من المغاربة، بمحتوياته الغير المنسجمة مع الثوابت العريق لبلادهم، والماسة بالوحدة الترابية للمملكة بنسب سبتة وحاكمها الأمازيغي اوليان الغماري لإسبانيا، وغيرها من المغالطات المسيئة لبديهيات التاريخية والجغرافية المغربية والمشوهة لصورة المغرب والمغاربة والمخالفة لكل ما أجمعت عليه أغلب المصادر التاريخية العلمية التي أرخت للأحداث التي يتناولها المسلسل الذي لم يكفي أصحابه تعريب اللسان المغربي، فاستهدفوا به النفاذ إلى عمق مشاعر ووجدان وانفعالات الإنسان المغربي للإجهاز على ما تبقى من هويته الأمازيغية الأصلية، وذلك من خلال حملة الدجل والتزوير المسعورة المسلطة على طارق بن زياد، ولي أعناق النصوص التاريخية وتأويلها لمسح أصوله الأمازيغية، في سلوك جاهلي يتنافى مع قيم الحداثة والإنسانية والدين الإسلامي الذي ونهى عنه وحاربه، والذي دفع بالعديد من النشطاء الجمعويين للمطالبة بإقالة فيصل العرايشي، على خلفية ما أسموه بفضيحة مسلسل "فتح الأندلس"، الذي قرر الناشط الأمازيغي، رشيد بوهدوز، اللجوء إلى القضاء من خلال المقال استعجالي الذي رفعه نيابة عنه الأستاذ محمد ألمو المحامي بهيئة الرباط، إلى رئيس المحكمة الابتدائية بالرباط ضد الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية، وكما يروح أن عددا من الفرق البرلمانيةتستعد لجر الوزير المهدي بنسعيد وزير الشباب والتواصل والثقافة، للمساءلة البرلمانية، زمن بينهم النائب مولاي المهدي الفاطمي البرلماني عن الفريق الاشتراكي، إلى ربما سيتوجه بسؤال كتابي إلى الوزير حول مسلسل "فتح الأندلس" المعروض على القناة الأولى المغربية.

***

حميد طولست

في المثقف اليوم