أقلام حرة

ويسألونني عن تهنئة اليهود المغاربة بالـ"پيتسَح"!

حميد طولستبعد نشري لتدوينة أهنئ فيها المغاربة اليهود بمناسبة "عيد الفصح" أو"پيتسَح" بالعبرية،  توصلت بعدد من "الإمايلات" يتساءل أصحابها عن قصة هذا العيد وتسميته، وأحمد الله على أنه لا أحد منهم إنتقد أو حرم علي تهنئة غير المسلمين بأعيادهم، كما اعتدنا ذلك من المتزمتين الدينيين، وفي محاولة مني لإرضاء متابعي كتاباتي، وبصدر رحب، قسمت الإجابة إلى قسمين : التسمية والمناسبة،، وقبل ذلك لابد من التعريف بأن هذا العيد هو أحد الأعياد اليهودية التوراتية الثلاثة على الإطلاق، والذي يتمركز حول ذبيحة تؤكل مشوية على النار عشية الاحتفال الذي يتم في شهر "أبيب" الذي يعني الربيع في العبرية، إلى جانب عيد الأسابيع وعيد المظال الذي يُعرف بالعبرية "سوكوت" أو "العُرش" والمتعارف عليه لدى المغاربة بــــ"عيد النوالة" -الذي ربما نعود إليه في مقالة أخرى بحول الله وقوته- 

التسمية 

بالنسبة للتسمية، فنجد إن التوراة العهد القديم استخدم ثلاثة مصطلحات للتعبير عن عيد الفصح؛ وهي الفصح، الفطير، العيد، وتعود تسميته بالفصح تحديداً إلى الاسم الذي يطلق على ذبيحة هذا العيد "الفصح" والذي يسمي في العربية "الفسح" من الفعل فسح وهو بمعنى "فصل" ويمكن فهمه بمعنى الفرج بعد الكرب، أما تسميته بالفطير فيعود إلى كلمة "مَتسوت" أو "الرقاقة" بالدارجة الغربية،والتي يقصد بها الفطير غير المختمر، والتي على ما يبدو كانت في الأصل ترمز لعيد مختلف عن "الفصح"؛ حيث أن التوراة كانت توظف اللفظين على أنهما عيدان اثنان يرتبطان بحادثة خروج بني إسرائيل من مصر. لكن بعد الانتهاء من تدوين العهد القديم صار الاسمان (الفصح والفطير) يستخدمان بالتبادل للدلالة على نفس العيد رغم اختلاف أغلب العلماء في أسباب الإدماج بين العين وربطهما ببعض المناسبة. 

ترتبط مناسبة هذا العيد بـــ"الفصح أو الذبيحة التي ترتبط هي الأخرى بقصة انتقام الله من المصريين بإهلاك كل بكر من الناس والبهائم في كل بيت في مصر بإحدى الضربات العشر التي ضرب الرب بها المصريين، والتي أمر الرب خلالها موسى أن يقوم بنو إسرائيل بوضع علامات من دم هذه الذبائح على بيوتهم حتى يتعرف ملاك الرب على بيوت بني إسرائيل فيتجاوز ولا  يهلك أبكارهم، ويعد "الفصح" ذبح أبكار الغنم أو البهائم من الذكور توجيهاً دائماً يقام سنوياً، على أنه طريقة للتذكير بمعجزة الرب في تخليص بني إسرائيل من إهلاك كل بكر في مصر، وهو في نفس الوقت شكل من أشكال الفداء 

والطريف هنا، ليس هو تشابه عيد "الفصح" والأضحى في مقاصد ومعاني، تلك السنة التي تم بموجبها استبدال القربان البشري - الذي كانت معظم شعوب العالم القديم تمارس طقوسه في الأعياد الوثنية بغية استرضاء الآلهة المتعددة وتفادي غضبها المدمر-وتعويضه بالقربان الحيواني، بل أن مسألة وضع علامة الكف المغموس بدم "الفصح" الذبيحة أو الأضحية على جدران البيوت أو أبوابها، أصبحت عادة يمارسها الكثير من المغاربة عند ذبح الأضاحي دون أن يعلموا لماذا يفعلون ذلك، أو من أين أتت، والأرجح عندي أنها دخلت إلينا بتأثر من اعتناق شمال إفريقيا لليهودية لفترة من الزمان..

ملاحظة: لقد وافق عيد "الفصح" يوم الجمعة 15 أبريل هذا العام.

***

حميد طولست

في المثقف اليوم