أقلام حرة

الربابة والرتابة!!

صادق السامرائيالربابة آلة موسيقية ذات وتر واحد، وقد برع فيها ببلادنا  "جبار عكار"، الذي قدّم ما يشجي من الأنغام والكلمات، التي لا تزال تتردد في سوح الأجيال.

وهذه الربابة تجيب على أدعياء الرتابة والمتوهمين بالحداثة والتجديد، من الذين يحسبون كل ما فينا عيب وسُبة، وما يأتينا من بلاد الآخرين فخر وعزة، ودليل على المواكبة والمعاصرة والتجدد والإنطلاق، وهم كالذي يزرع النخيل في القطب الشمالي.

ويتناسون بأن الوجود بأصله يمسير بسرمدية مطلقة وفق إيقاعات راسخة، إن أصابها أي خلل يتهاوى وينتفي.

فلكل ما هو حي إيقاع ثابت ومتكرر، فما فينا من أجهزة وأعضاء تحافظ على وجودنا وحيويتنا بتناغم إيقاعاتها المتكررة المتناوبة، فإن أصاب نبض القلب إضطراب ننتهي إلى الموت أو غرف العناية المركزة.

وإذا فقدت حركة الأمعاء إنتظامها أُصِبْنا بآلام شديدة تستدعي مداخلة طبية، لإعادة الحركة المتموجة المنتظمة إلى أمعائنا.

ودوران الأرض حول الشمس له ما يحافظ على حركته بدقة متناهية، وأي خلل في السرعة يعني إنتفاء الحياة فوقها، وربما إحتراقها أو غرقها.

وما تأتي به المخلوقات من عطاءات متنوعة تتصل بما فيها من نبيض وتموجات، ولا يجوز الإجهاز على سلامة خطوات البقاء والتواصل، بإدعاءات تعزيز الإضطرابات والخروج عن مسيرة التفاعل البقائي المتمثل بالحياة المترامية المتحامية في رحى الدوران الأبيد.

فالحركة الدورانية لا يُجزم ببدايتها ولا بنهايتها، لكنها تأبى التوقف والسكون، لأن في ذلك عدوان وجنون، ويبدو أن العدوانية المتوالدة من أمية كيف نكون، قد دفعت بالعديد من الحالات إلى التوهم بأن التجدد هو الخروج عن القانون، والتراقص على هامش السكون.

وفي هذا السلوك محق وإنتحار ذاتي وهوياتي لأي منطلق وموضوع.

فهل ندرك جوهر الرتابة ومعنى التجديد؟!!

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم