أقلام حرة

التحليل والتضليل!!

صادق السامرائيالعاهة الفاعلة في عقولنا تتسم بالنزوع نحو التحليلات ذات الأحكام المسبقة، والمدونة بمداد الإنفعالات والعواطف السلبية الحارقة.

فالسائد عند بعض أصحاب الكتابات، أنهم يُمسكون بفرضية ما ويستحضرون ما يعززها، ويوهمهم بالصواب، أي يرسمون ما يكتبون وفقا لإستنتاجات سابقة لأوانها، ولذلك يأتون بالدلائل التي تجعلها تبدو وكأنها صائبة.

فالنظر إلى ما مضى يوفر معينا لا ينضب لتعزيز وجهات النظر، فالتأريخ حمّال أوجه، والكتب الدينية حمالة أوجه،  والواقع الإجتماعي حمّال أوجه، وذلك لا يعني أن الباحث أدرك صلب الموضوع وإقترب من الحقيقة.

إن الكتابات الموضوعية الساعية للوصول إلى السبب االجوهري الفاعل في الحالة المتناولة، يجب أن يكون  المنهج العلمي البحثي سبيلها، بدلا من الطروحات اللاعلمية والتعزيزات اللامنطقية، الخارجة عن إرادة العصر المعرفية.

فعندما نقول أن المواطن يتصف بالإزدواجية، يمكننا أن نستحضر أمثلة عديدة، وهي لا تعني أن ما قلناه صحيح، فالبشر يتصرف وفقا للموقف الذي هو فيه، وتعميم صفة إزدواجية لا تمت إلى العلمية والموضوعية بصلة.

والقول بأن الديكتاتورية متجذرة في كذا وكذا حالة منذ مئات السنين، يجعلنا نأتي بأدلة لتأكيد ما ذهبنا إليه، وهذا أيضا إقتراب تضليلي ولا منهجي، ومن كتابات الرجم بالغيب.

والقول بأن المجتمع  طائفي يدفعنا للإتيان بالشواهد اللا متوافقة مع البنية السلوكية الفاعلة في المجتمع على مدى العصور، ونأخذ أمثلة مصنّعة في مختبرات التضليل، وبآليات الإقناع النفسي والسلوكي المقرون بما لا يمت بصلة إلى طبيعة الإنسان في البلاد، لكنه بحكم الضغط النفسي وآليات التمرير والتعزيز يبدو وكأنه صحيح.

ومن المدمر للعقل والنفس والوعي أن بعض الأقلام عن قصد أو غيره، تذهب إلى إستنتاجات إنعكاسية إنفعالية، وتترجم ما فيها من عاهات ودمامل نفسية، وتنسى أن الكلمة مسؤولية، والكلمة الطيبة صدقة.

 ولا يمكن إعفاء المثقفين وحملة الأقلام مما يحصل في أي واقع يفتقد لأبسط حقوق الإنسان، ومتطلبات الحياة الحرة الكريمة السليمة، وكأنهم  من الغالفين الجاهلين الذين يرجمون الناس بما ليس فيهم، ويحاولون وصمهم بما تشتهي أنفسهم وتبرير ما يريده أعداء وجودهم أجمعين.

فلنبتعد عن التحليلات التضليلية، ولنتفاعل بآليات كيفَ، لنواجه التحديات ونتحرر من أصفاد الإنتكاس والإنكسار المقيم!!

***

د-صادق السامرائي

في المثقف اليوم