أقلام حرة

التفاسير والمعاذير!!

صادق السامرائيالقراءة الممعنة لكتب التفاسير (وليس التأويل) تكشف عن ظاهرة عجيبة خلاصتها، كما قال فلان وذكر فلان!!

وعندما تعود إليهم تجد أن الناس قد رأت أن فلانا وفلانا من العارفين أو العالمين بالقرآن والدين، ويطرحون عليهم أسئلة،  ولكي يحافظوا على مكانتهم تجدهم وكأنهم يأتون من مخيلتهم بأجوبة لا يقبلها عقل، ويوهمون السائلين بأنهم يعرفون.

وهم ربما لا يعرفون القراءة والكتابة، ولم تردنا مخطوطات قد كتبوها، فلا يوجد ما يؤكد أنهم كانوا يقرأون ويكتبون، فالأمية كانت شائعة بينهم، والمنقول المسموع هو السائد والفاعل فيهم، ونشاطات التدوين والتوثيق بدأت بعد عدة عقود، بل وأكثر من قرن ونيف بعد وفاة الرسول.

فما مدون لم يكن إبن زمانه ومكانه وجيله، وإنما تأخر لأكثر من ثلاثة أو أربعة أجيال.

وذروة التدوين كانت في الدولة العباسية، ومع ذلك فأن نسبة الأمية وعدم معرفة القراءة والكتابة، هي السائدة في الأمة، والمعزَزة من قبل تجار الدين لضمان سطوتهم ومكانتهم.

ولهذا تجاهلوا إرادة " إقرأ" وأمعنوا في تأكيد "إجهل" و"إتبع"، وركزوا على السمع والطاعة، لتأمين إرادة الكرسي الفاعل في الأمة، والمدمر لذاتها وموضوعها، والساعي لإمتلاك مصير أبنائها.

ومن هنا كان الكثير من اللامعقول في كتب التفاسير، لأنها تسويغية وتبريرية لإرادة فاعلة في الأمة في وقتها، ولكل سلطان مفسريه ورواة أحاديث وأخبار، وإفتراءات  تعزز مكانته وتعضد سلطانه.

وحتى يومنا هذا، تجدنا أمام قراءات متعددة، وتفاسير لا تحصى ولا تعد، وكل يرى ما يراه، حتى صار القرآن مصدرا محيرا، لأن التفسيرات ربما جاءت وفقا لمقتضيات عصرها، فأفرغته من قوته وقدرته على التفاعل الواعي مع الإنسان.

وبسبب ذلك تعددت الجماعات والمدارس والمشارب، وصار الدين ضد الدين،  والقرآن عدو القرآن، والإنسان يكفر الإنسان، وما أكثر المتوهمين المتخندقين المعصوبين الأذهان، الذين لا يرون  دينا إلا ما يتصورونه ويعتقدونه.

وكأن الدنيا خالية من الأديان، وتلك محنة أمة في الجهل والتجهيل بالقرآن.

فهل لنا أن نحكّم العقل فيما دوّنه المفسرون؟!!

***

د. صادق السامرائي

9\8\2021

في المثقف اليوم