أقلام حرة

الدراية والرواية!!

صادق السامرائيإقترابان من النص الديني، تحركت بينهما رموز الدين التي أتحفت الأجيال بموسوعات وفقا لمنهجهما، والدراية تعني إعمال العقل والرواية النقل، والأولى التأويل والثانية التفسير.

وبينهما إختلط حابلها بنابلها في مسيرة الإسلام وتفاعله مع النصوص القرآنية، التي يرى الكثيرون أنها ذات تأويلات متوافقة مع عصرها، فتنوعت الإجتهادات، وإنطلقت الرؤى والتصورات، وتأسست المدارس والمذاهب والجماعات ، وكلها ترى أنها على صواب، وبعضها يرى أنه توصل إلى الصواب الأصدق والمطلق ويمثل الدين، وغيره من أعداء الدين ويحسبهم زنادقة وكافرين.

وفي هذا الخضم التأويلي المتلاطم، أصاب الإسلام ما أصابه، ولا تزال مسيرة الإستنزاف الديني تتحرك بقدرات تدميرية مروّعة، وتحسب أنها تخدم الدين.

والواقع يشير إلى أنها مُستخدَمة من قبل أعداء الدين لتدمير الدين بالدين.

ولا يمكن إقناعها بأنها بسلوكها تعادي الدين، فهي من الذين على الله يظنون وما يقدمونه من إنتاج الظنون.

فلا توجد دراية مطلقة، فالعقل البشري محدود القدرات، ومرهون بضغط الجاذبية الأرضية، ولا يستطيع التحليق خارجها، فمعارفه مرهونة بالتراب الذي يشده إليه.

والعديد من الذين إجتهدوا بالدين، أدركوا بأن ما جاؤوا به إجتهاد وحسب، لا يمتلك الصوابية المطلقة، لكنهم إقتنعوا به وفقا لما توفر عندهم من المعلومات والمعارف، ويدركون أن الزمن سيراكم معلومات يجهلونها، وسيساهم في تمحيض طروحاتهم ورؤاهم، وهذه سنة الحياة ودستور الدوران.

 والمشكلة التي برزت منذ غابر الأجيال، أن البشر يميل للإنغلاق، ولديه نزعة للتبعية وتعطيل العقل، فهو يريد الجاهز، ولا يبذل جهدا لمعرفة ما يجهل .

ومن هنا صارت الدراية المعرفية وبالا، والرواية صراطا والجمود مذهبا والمذهب دينا.

والقرآن مهجورا، والدين طلاسم مفاتيحها عند أدعياء الدين!!

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم