أقلام حرة

هل تُقتل الأمم بدينها؟!!

صادق السامرائيمن النظريات التي أريدَ تطبيقها على واقع بعض الأمم، أن يكون الدين قتّالها، بمعنى أن يتحقق إشاعة الفرقة بين أبناء الدين الواحد، ليتماحقوا فيقضي بعضهم على بعض!!

ولا يوجد دين أو حزب أو تكتل بشري ما إنتهى إلى إنشطارات وتفرعات، وهو من طبع السلوك البشري، ولا يشذ أي دين عن هذا التفاعل المعروف منذ الأزل.

والتأريخ يؤكد أن الإنشطار في الدين لا يقتل الدين، بل يقويه ويزيده تفاعلا مع زمانه ومكانه.

ولو تفحصنا الإسلام لتبين أن القوة الإنشطارية فاعلة فيه منذ بدايته، وتجلت بصراعات وحروب دامية عديدة، لكنه لم ينقرض بل إزداد قوة وقدرة على الحياة.

فالقول بأن التفرق والتمذهب وتأسيس الجماعات والفئات في أي دين ستقتله، لا يستند على أدلة وبراهين قوية ذات قيمة عملية، لأن ما يحصل أن الدين يكون أقوى كلما تعددت فرقه وفئاته، ومدارسه ورؤى المنتمين إليه.

فالذين يقولون أن الإسلام يمكن قتله أو إضعافه بتشجيع هذه الفرقة ضد تلك الفرقة التي فيه، واهمون، لأن القانون الجاري في الدين، أن ما ينفع الناس يبقى، وما يضرهم يذهب جفاءً، والله يمحق الشر بالشر، ويديم الخير بالخير، وسنة الحياة أن كل حالة تلد ما هو ضدها، فلا دوام لموجود أيا كان نوعه وكينونته، لأن الدوران يتحكم بالموجودات كافة.

فلكي يبقى الدين لا بد له من التفرع، ولا يصح ان يتجمد ولا يتشعب، ولا تنطلق العقول التي تتأمله بما ترى فيه، فلكل فرقة رؤاها، ولكل جماعة منطلقاتها، لكنها منبثقة من جذر واحد وساق واحدة، وكل غصن له شأن ودور في صناعة الحياة، وكلما تواصل الدين إزدادت فرقه وطوائفه وتواجهات المنتمين إليه، فالإسلام في بدايته كان فرقه وطوائفه أقل مما هي عليه اليوم، ويمكن القول أن هناك عشرات المئات من الفرق والجماعات، لكن الدين حي متجدد وفاعل في الحياة.

إن المتشائمين المتوهمين الذين يتمنطقون بلغة المثالية والخيالية، وكأنهم لا يمشون فوق التراب، يوهمون الناس بأن الدين ليس بخير، والأمة تتداعى إلى حفر الإنقراض، وهذا بهتان وتضليل، فالأمة قائمة وتتقوى بفرقها ومذاهبها وطوائفها، وبهذا التنوع المتفاعل، تبني سبيكة الدين القويم، المتوافق مع السلوك البشري وما ينجم من تواصله مع مكانه وزمانه.

فالأمة بخير، والإسلام حي متوهج ساطع، وكلما إزدادت فرقه، تنامت قوته!!!

***

د. صادق السامرائي

21\8\2021

في المثقف اليوم