أقلام حرة

ألأمن المائي ومتغيرات المناخ

انور الموسويتلعب المتغيرات المناخية في العالم، الدور الحاسم في عرقلة مسيرة الحياة على الأرض. ألعالم بأسره يخشى قساوة المناخ، المسبب لعدة مضار بيئية كالاحتباس الحراري وانجراف التربة، وندرة الأمطار،هذه حقيقة استعد العالم لها لكونها تسبب مظاهر كارثية على الكوكب.

تُعتبر إتفاقية باريس في ٢٠١٥ بمثابة خطة تسابق لتجنيب الإنسانية كارثة مناخية، تقر هذه الاتفاقية انه:- اذا إرتفعت درجة حرارة كوكب الأرض بمقدار ١،٥ درجة مؤية مقارنةً بدرجة الحرارة التي كانت سائدة قبل الثورة الصناعية، فإن الكثير من المتغيرات التي طرأت على الكوكب تصبح دائمة ولا رجعة فيها، وهذا ما يحصل فعلًا الآن، فالكرة الارضية تتباحث، وفي مواجهة صِدام  مناخي دائم، للحيلولة دون وقوع كوارث بيئية إضافية.

العراق بلدًا ليس بعيد عن هذه المتغيرات، وعن قلب الأزمة المناخية، فمناخ العراق يشهد نفس أعراض الازمة العالمية، وهذا شيء ليش بالغريب ضمن السلسلة المناخية العالمية، فالنتيجة أن مياه العراق تتأثر بشكلٍ طبيعي بتلك الظروف، الندرة المائية ليست وليدة اللحظة الآنية ، هي:- ليست خبر عاجل يظهر على شبكات التواصل والتلفاز،  يظهر فيه أحدهم يمشي على الماء! كدلالة على جفاف دجلة. الأمر ليس بهذه السطحية، وليس ايضًا بهذه السهولة اذ لا اود تصفير المشكلة أو إعدامها، نعم نحن حالنا حال بلدان العالم، نعاني ندرة مائية، والخزين الاستراتيجي وصل الى نسب مقلقة، نتيجةً لظروف مركبة، منها يقع ضمن التغيرات المناخية العالمية كضرر مشترك عالمي، ومنها أسباب داخلية كالـ الاستحواذ على كميات مياه إضافية وغير شرعية من قبل مواطنين ومتنفذين لإقامة مشاريع غير مرخصة من قبل الوزارة نفسها" وزارة الموارد المائية " أو التجاوز على محرمات الأنهر من قبل المواطنين والمتنفذين.. كانت تلك معضلة كبيرة تتسبب في عرقلة جريان المياه وعدم إيصال النسب المخصصة إلى المحافظات وخاصةً "الذنائب " وإهدار في الكميات، وتبذير متعمد في الأمن المائية، وبدورها شرعت الوزارة في مكافحة آفة "التجاوزات " والتصدي بمعية القوات الأمنية لإنتشال أمننا المائي من الهدر، تجدر الإشارة هنا إلى إن وزارة الموارد المائية، وزارة ليست مستهلكة للمياه ولا وزارة لديها صلاحيات أمنية لضبط تلك الإدارة ، هي وزارة:- تدير الملف المائي فحسب،ووفقًا لمهامها فإنها تعمل على وضع الدراسات والاستراتيجيات الكفيلة بالإدارة الناجحة للمياه متمثلة بإدارة (الخزين، والاطلاقات المائية، والتمويل المائي للخطة الزراعية، والعناية والصيانة المستدامة للمبازل والأنهر …).

وقد شرعت الوزارة ومنذ امدٍ بعيد حتى  وزارة السيد مهدي رشيد الحمداني، لوضع خطط استراتيجية طويلة الأمد وقصيرة الأمد للحفاظ على ألأمن المائي تحت وطأة الشدة البيئية المجحفة والمتمثلة بانحسار الأمطار وزيادة كميات التبخر. 

اما عن الجانب الخارجي المتمثل بالدول التي تنبع منها انهارنا وخاصةً تركيا  التي انشأت عدة سدود لإدارة امنها المائي، وسوريا، فإن الفهم الحاصل ضمن ما اسلفنا حول الشدة المناخية الخانقة التي يتعرض اليها الكوكب، أصبح الجانب التركي متفهمًا ظروف المرحلة وحراجتها، وتبادل نسبة الضرر مع العراق،من خلال عدة حوارات دبلوماسية عالية المستوى، وجه بها السيد رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي وأدارها بنجاح وزير الموارد المائية المهندس مهدي رشيد الحمداني، إنتهت إلى نتائج إيجابية في الملف المائي، وأعطت فرصة للجانب العراقي بترتيب أوراقه وفقًا لمتغيرات المرحلة.

من جانبٍ آخر يعاني العراق ازمة مائية " شرقية " مع الجانب الايراني، فإيران غيرت مسار أهم نهرين يصبان داخل الأراضي العراقية وقطعت عنه الامدادات المائية  نهرا (الكرخة والكارون) وهذا هو السبب الكامن في تملح الاراضي العراقية في محافظة البصرة تحديدًا وندرة مياه محافظة ديالى.

"الصفر " الذي منحته إيران للعراق من المياه أدى الى زيادة الضرر وليس الى تقاسم الضرر، بينما كان المتوقع ان يتم تقاسم المنافع والأضرار وفقًا لمعاهدات دولية تخص " المناخ " ومعاهدات أخرى تختص بالمياه.

الأمر الذي أدى إلى تراجع مفرط في دفع اللسان الملحي عن البصرة، وزيادة شحة مياه ديالى.

فالجانب الايراني يصر على غلق أبواب الدبلوماسية المائية ليساوم بها بدبلوماسية سياسية! مما جعل خزين سد حمرين صفر  ألان!.

تدير الوزارة مجموعة ملفات شائكة ومعقدة تخص امننا المائية داخليًا وخارجيًا، وهي ليست وزارة سيادية ولا سياسية ولا حتى امنية، وكل ذلك يقع على عاتقها الآن وكأنها المسؤول الوحيد عن توفير المياه. بينما الحقيقة تتطلب مصارحة أكثر دقة، من أن الوزارة:- ليست وزارة خارجية ولا وزارة امن ودفاع…الخ هي وزارة علمية تدير ملف المياه، وتعمل بكل الوسائل على الحفاظ على الثروة المائية وتوزيعها العادل للمواطنين، فالأمر يتطلب تكاتف جهود مشتركة حكومية واجتماعية لتقاسم المهام والضرر مع الوزارة، اذ ليس من المعقول تحميل تَبُعات القرارات الخاطئة في سحب المياه الجوفية دون موافقة الوزارة والذي أدى الى جفاف بحيرة " ساوة " وغيرها تحميل الذنب على الوزارة دون محاسبة والتدقيق مع المسبب الرئيسي في هذا الهدر الخطر!.

***

انور الموسوي

في المثقف اليوم