أقلام حرة

نقد إبن رشد!!

صادق السامرائيمن الواضح أن التقديس والتمترس في حالة ماضوية، نرتقي بها إلى مقامات ما بعد المثالية والإعجازية، هو السلوك السائد في مسيرة الأجيال، والمترسخ في الوعي الجمعي للأمة.

وهناك العديد من الأسماء بمختلف مجالات إبداعها ونشاطاتها قد تقدّست، وحسبناها لا ينجب الزمان مثلها أبدا، وكأن أرحام الأمة عقمت وعقولها إنمحقت، ومن هذه الأسماء الفقيه العلامة الفيلسوف "إبن رشد".

الذي حوّله الفلاسفة إلى حالة ما بعدها ولا قبلها صيرورة فكرية وإبداعية، وهذا ليس تقليلا من شأن الرجل، بل بحثت فيه وكتبت كثيرا عنه، ولكل مكان وزمان متطلباته.

ما إشتهر به إبن رشد، أن رد على الغزالي، ومن كتبه المشهورة : (فصل المقال، تهافت التهافت، بداية المجتهد ونهاية المقتصد) وغيرها.

ورأى في التأويل ما رأى وقال لا إجماع في التأويل، وما طرحه لم يكن أصيلا بل سبقه إليه عدد من أفذاذ الأمة في الأندلس والشرق.

ويبدو أن إبن رشد رغم خبرته الفقهية والفلسفية والسياسية لم يفلح في إبتكار الوسيلة الكفيلة بالتعبير عن أفكاره، فتهاوى من فقيه الفقهاء إلى طريد مكفَّر، وربما زنديق وأحرق ما أحرق من كتبه.

ومات حزينا متألما رغم ما يُقال عن رد الإعتبار له في أواخر عمره.

ولا أريد الدخول بأسباب محنته وما حل به فقد كُتب عنها الكثير، غير أنه فشل في ترجمة أفكاره، ولم يتمكن  من توريث رؤاه، ويربي تلامذة يحملون رسالته، ولم يهتم كغيره من عقول الأمة بتعليم الآخرين، وإنما جميعهم كانوا  يحتكرون العلم  لأنه يقربهم  إلى الكراسي، ويجتذب الغنائم، والمكارم والجاه، فكان بضاعة غالية وعزيزة.

أي أنه ما نجح  في تثمير أفكاره في زمانه، وبعد أكثر من ثمانية قرون يأتينا مَن يرى أن إحياء مدرسة إبن رشد ستكون الجواب على تداعيات وإنكسارات الأمة، وكأنه يختصر المشكلة بالدين وحسب.

وعندما تسألهم عن العلم، يتسمرون بوجهك غاضبين.

الأمة داؤها بإهمال العلم، ولن ينفعها ألف إبن رشد وإبن رشد، الغرب إطلع على فلسفة اليونان وتعلمها بواسطته لأنه كان الشارح البارع لها.

فهل لنا أن نرفع رايات العلم؟!!

"يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات"!!

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم