أقلام حرة

هل نقول ما نعني؟!!

صادق السامرائيالقصور في القول واضخ في كتاباتنا، فمعظمها تلف وتدور حول الموضوع الذي تتناوله، وتعجز عن الوصول إلى ما تريد قوله وتعنيه.

وينطبق على نواحي الإبداع بأجمعها، فصنوف الإبداع تعجز عن بلوغ المعنى المطلوب فيما تذهب إليه وتطرحه.

ويبدو أن الفقر المَعجَمي من أهم أسباب تعزيز العجز التعبيري بالكلمات عن الأفكار والتصورات، بل أن الرسم بالكلمات أصبح من أعسر النشاطات.

وعندما نتكلم عن المعنى الكامن في الإبداع، نترجم قصورنا على البوح السليم القويم بما فينا، ولذلك تجد المفكرين والفلاسفة وأصحاب المنابر يعجزون عن تحقيق أقوالهم، وإنجاز مشاريعهم القولية، فأصبح الكلام بأنواعه المنطوق والمكتوب، أشبه بالخمر أو الأفيون اللازم للتنويم والغثيان المرير.

وصار "مجرد كلام"، تعبير متكرر في حياتنا، ومؤثر في مسيرة الأجيال، فإنتفت القراءة، وضاعت الأقلام، وماتت الأشعار، وأضحى الإبداع الأدبي نخبويا، وينجذب إليه بعض الناس لا غير.

أما الكلام عن النصوص وما تعنيه، فحدث ولا حرج، فلكلٍّ ما يدّعيه ويتخيله، ولا أحد يراه أو يدركه، لأن المطروح بلا بوصلة للوصول إلى الغاية المرجوة من النص.

فالبوح ما عاد متوافقا مع إيقاعات النفس ونبضات الروح، وإنما تداعيات صور مشوشة، تحمَّل ما ليس فيها من الدلالات.

وتجدنا أمام أدعياء المعنى القاصرين عن الإتيان بجملة مفيدة، وبلغة عربية سليمة، ذات قدرة على جذب القارئ وشحذ الأذهان، وإمتاع العقول والوجدان.

وكأن مسيرة الإبداع العربية الأصيلة على مر العصور، لم تبتكر وسائلها المتوائمة مع الذائقة الفنية الإنسانية، وما أمتعت الأجيال تلو الأجيال، بإبداعات منيفة رائعة التعبير والبنيان.

إن الذين يتحدثون عن المعنى في النص، من أنصار " المعنى في قلب الشاعر"، والتي تشير في جوهرها إلى عجز الشاعر عن التعبير عما يريد، فصار الإبداع هذيانات غامضة وهذربات مشوشة، تشير إلى إضطراب تفكير.

فهل لن أن نجيد قول ما نعني؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم