أقلام حرة

في معنى الولاء

عقيل العبودلم تزل في الذاكرة حقائق تلك المسميات، هي موضوعات لها علاقة بواقع صرنا نشتاق إلى تفاصيله بعد أن فارقنا محطاته تباعا- المعلم، التلميذ، الموظف، الطبيب، الفلاح، حارس المحلة، المدرسة، البيت، الأم، الأب، الجار، الصديق، التاجر، الفقير، الخباز، الحداد، الصائغ، النجار.

هنا حيث لا أريد البحث في تصوير معنى المهنة وطبيعة عمل صاحبها، إنما فقط أود الإشارة إلى أن هنالك تطابقا حسيا بين المعاني والمضامين الخاصة بالعناوين المدرجة من باب استقراء الحقيقة الوجدانية لمعنى الولاء.

فالمعلم على سبيل المثال عبارة عن فضاء لمجموعة من القيم والمعايير الأخلاقية والتربوية، حيث منه نتعلم معنى طاعة الأبوين، واحترام الجار، والالتزام  بالمبادئ والتضحية، وحب الأوطان، ومنه أيضا نتعلم معنى العلم،  والقانون والاجتهاد وتربية النفس، فهو صاحب المنهج الأخلاقي والتربوي.

فهو المصدر الذي منه  نتذوق طريقة التفكير. كان السؤال المعتاد والموجه إلى التلميذ في المدرسة (ماذا تود أن تصبح في المستقبل؟) وعلى غراره السؤال أيضا عن مهنة الأب حتى أن ألقاب بعض العوائل اتخذت عناوين لها علاقة بالمهنة مثل عائلة فلان الحداد، وعائلة فلان الخباز، والصائغ وهكذا.

هنا بقيت صور الحياة بمشاهدها حاضرة في الذاكرة خاصة وأنها كانت تسودها لغة الأمان، والمحبة والصدق واحترام الجار.

كان الولاء الأول والأخير إلى القيم التي يمتزج فيها النقاء، وتماسك الأسرة، والمحلة كنسيج اجتماعي تحيط جدرانه الألفة والمحبة وخضرة الأشجار وزرقة النهر، وتحلق في فضاءاته أسراب الطيور وكل ما له علاقة بجمال الطبيعة والحياة.

***

عقيل العبود

في المثقف اليوم