أقلام حرة

الملك العضوض

ثامر الحاج امينالملك العضوض يقصد به: أن من يملك الحكم بدءا يجعله في عقبه وذويه وراثة، فهم يتمسكون به ويعضون عليه، وجراء هذه السنّة السيئة يصيب الناس الظلم والجور، لذا من الأخطاء الكارثية التي يرتكبها القابض على السلطة هي عندما يجعل من مؤسسات الدولة غنيمة وملكا خاصا فيقوم وفق شعار (الأقربون أولى بالمعروف) بمنح المناصب والامتيازات للصغار والجهلة من أفراد عائلته وحزبه وعشيرته ويفسح لهم مكانا اكبر مما يستحقون دون وجه حق وذلك من أجل كسب المزيد من الثروات على حساب خراب البلاد وسقوطها وضمان البقاء في السلطة فترة أطول دون ادراك حقيقة الاحتفاظ بالسلطة الى أبد الآبدين كما يقول الروائي " جورج اورويل" (لا يأتي عن طريق التوفيق بين المتناقضات)، ويكمّل هذا السلوك التخريبي وقاحة الطفيلي التابع الذي تأتيه النعمة من حيث لا يحتسب ويقبل المنصب والامتيازات دونما شعور بالذنب ووخز الضمير جراء قبوله فرصة شخص آخر هو أحق بها، يقولون (رحم الله أمرئ عرف قدر نفسه) وحقا ما أعظم المرء عندما يكون صادقا مع نفسه ويدرك مواطن قوته ولا يخجل من الاعتراف بمواطن ضعفه، ومما يؤسف له ان الكثيرين ممن تصدوا للمسؤولية وهم بالأصل نكرات يفتقرون الى شجاعة  نقد الذات والاعتراف بالفشل في حين التواضع والمكاشفة الصريحة الصادقة هي سمة الكبار.

 ولنا في موقف الدكتور المصري" مصطفى محمود 1921 ــ 2009 " مثال على ذلك، فهو طبيب ومفكر وصاحب شهرة كبيرة حصل عليها من خلال جهده ومثابرته في تأليف 89 كتابا في مجال البحث العلمي والفلسفة والدين والسياسة والاجتماع اضافة الى المسرحيات وأدب الرحلات ورغم كل هذا العطاء المعرفي والانساني حين عرض عليه الرئيس السادات ان يكون وزيرا رفض قائلا (أنا فشلت في ادارة اصغر مؤسسة وهي الأسرة .. فأنا مُطلق .. فكيف بي أدير وزارة كاملة؟.

***

ثامر الحاج امين

في المثقف اليوم