أقلام حرة

الجمجمة!!

صادق السامرائيجمجم: ردد كلاما غير مفهوم.

فهل ما نكتبه يفهمه القارئ ويتمتع بقراءته؟

أم أننا نجمجم بأقلامنا؟!!

علينا أن نتساءل بعد أن "بلغ السيل الزبى"، و"إختلط حابلها بنابلها"، وصار الكلام " مجرد كلام"، وفقدت الكلمة دورها وتأثيرها وقيمتها في حياتنا.

الكاتب يقرأ ليكتب، ومَن لا يقرأ عليه أن لا يكتب.

الكاتب يجب أن يكون من المدمنين على القراءة، ويكنز رصيد مفردات يؤهله لطرح ما يريده بوضوح وبأسلوب يشد القارئ إليه، فالكتابة من الفنون الجمالية التي تصقل الذوق، وتعبّد سبل المدارك وتشعشع في الآفاق.

ليس المهم أن نكتب، بل كيف نكتب!!

إن كيفيات الكتابة  ما ينقصنا ويشير إلى عاهاتنا التعبيرية، ويبرهن عدوانيتنا على الكتابة، فالذي لا يمتلك أدوات أية حرفة يدمرها ويعاديها بتفاعله معها أو بإدعائها.

فما أكثر الكتبة وأقل الكتاب!!

وما أكثر الكتابات الموجعة للرؤوس، والداعية للنفور والإبتعاد عن المنشور!!

نشأنا على قراءة الأدب الرفيع وتأثرنا بكتاب لهم باع طويل في العربية والفكر والثقافة والمعارف الإنسانية، وكانت عطاءاتهم الإبداعية خلابة جذابة، تشدنا إليها وتمنحنا طاقات بحث، وتحمّسنا على القراءة والتفاعل الإبداعي اللذيذ، لأنها كتابات ممتعة، وما أن نبدأ بقراءتها حتى ننغمس في فضاءاتها ونغوص في أعماقها.

واليوم تجدنا نبحث عمّن نقرأ لهم فيواجهنا الغثيث الذي يكرِّه القارئ بالعربية، ولا يمنحة متعة فكرية وثروة ثقافية تعينه على إتساع رؤيته، وشده إلى الإستزادة مما يتصل بها من الكتابات الرائعة.

فالعربية تتمحن بأقلام أهلها، ويزداد نفور الأجيال الصاعدة منها، فلا يحترم لغة الضاد الذين يكتبون بها، ولا توجد قوانين تحافظ على سلامتها، فما أكثر الجرائم ضد العربية في دوائر الدولة وكتبها الرسمية، التي صارت أمرا شائعا ومقبولا، ولا مَن يغار على لغة الضاد ، فصار التفاعل معها خاويا، خصوصا والعديد من المواقع المعاصرة لا تمتلك محررين مؤهلين لإدارتها، بمهارة ثقافية صالحة لبناء التيار المعرفي القادر على صناعة الحياة الحرة الكريمة.

وتلك محنة الكلمة وورطة الأقلام المترنحة بغثيانها فوق السطور، والقرطاس يئن ويستجير!!

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم