أقلام حرة

الاضحى.. والأضاحي

ميلاد عمر المزوغيامر الرب ابراهيم (ع) بذبح ابنه الوحيد اسماعيل الذي رزق به في اواخر ايامه فما كان منه إلا تلبية طلب الرب،  ولم يعص الابن اباه ففداه الله بذبح عظيم ومنذ مجيء الرسول الاكرم محمد (ص) استنت الاضحية بل أصبحت لدى البعض شبه فرض يقوم به رغم ضيق ذات اليد وعدم القدرة الى الانفاق.

بفعل علم الاستنساخ الذي استنزف وقت ومقدرات الدول الغربية،  استطعنا ان ننسخ اشياء كثيرة ومنها على سبيل المثال عيد الاضحى فأصبح بإمكاننا الاحتفال بالعيد في اي وقت نشاء،  اما عن الضحية فنحن جيل اليوم لن نختلف عن سيدنا ابراهيم حيث كل منا تأتيه الرؤيا وبإمكانه ان يضحّي بأكثر من اضحية بشرية،  فالبشر في ازدياد واحدى وسائل احداث التوازنات البشرية هي الحروب وان من يلهمنا الرؤى صاروا كثّر ولكل منا رب او اكثر وطاعتهم واجبة اي انه لنا اكثر من رب،  في حين ان لإبراهيم رب واحد. ففي العراق قدّم المتامركون في سابقة هي الاولى من نوعها على مستوى العالم صدام حسين كأضحية بشرية في يوم النحر،  ولم يحترموا مشاعر المسلمين ونالوا استحقارهم في كل الارجاء،  وتبرّأ منهم اربابهم الجدد. فأي اسلام يدين هؤلاء؟.

اقول ذلك وعيد الاضحى على الابواب وفي ظل الربيع العربي الذي يغمرنا بالسعادة والنشوة والانتصار على اخواننا في الوطن،  فإنه من المفترض ان نسمو ونتعالى عن الجراح والاكتفاء بما اصاب بلداننا من اعمال قتل وتشريد إلا اننا نشاهد وبشكل شبه يومي اناس يدّعون الاسلام يقومون بذبح اكثر من "حيوان" بشري في المرة الواحدة مع الالتزام بـ"التكبير" ليتأكد الضحية انه مضحّى به لأجل تنفيذ اوامر هذا الرب او ذاك (وبالتالي يسلم النفس وهو راض عن ذلك)، التي تجلّت على هيئة رؤى،  وتلك الرؤى تأتي لأناس بينهم وبين الارباب الجدد علاقة وطيدة،  وان من يذبح عدد اكبر تكون له البركة.

تقوم بعض الحكومات العربية في كل عام بإرسال الاضاحي الى دول اسلامية فقيرة ليزداد مواطنوها تمسكا بالدين الاسلامي الحنيف، اما والحالة هذه وصارت الاضاحي بشرية وبأعداد غفيرة تفوق الاستهلاك المحلّي، اقترح على حكامنا الجدد ان يجدوا مكانا لتصريف تلك الاضاحي الزائدة عن الحاجة وان بمقابل لشراء وسائل ذبح حديثة مع علمي المسبق ان هؤلاء يطبقون الشريعة في عملية الذبح من حيث الوسائل وان كانت بدائية،  كالسكاكين والمديّ والسيوف.

ولأن عملية التسويق لأي منتج اصبحت جد ضرورية وملحّة،  فالأفضل ان يقوم هؤلاء بالدعاية والترويج لتلك الاضاحي من حيث قيمتها الغذائية الراقية عبر وسائل الاعلام المختلفة وخاصة تلك (المملوكة لنا) التي تنشر صور الضحايا بمختلف مراحل الذبح ليتأكد الزبائن ان عملية الذبح اسلامية بامتياز ووفق طلب المفتون العامون بديار الاسلام  العامرة وإمكانية الاستيضاح منهم بالخصوص. 

 وبفعل من يتحكمون اليوم في مصائرنا،  فقد يكون اي منا ضحية "اضحية" في اي وقت وفي اي مكان ليتقربوا بواسطتنا الى اربابهم، ليزدادوا علوّا وشانا ونزداد فخرا بانصياعنا "تلبيتنا" لأوامر حكامنا اللاهوتيون. للعام الخامس يستمر المسلسل وقد فاقت حلقاته اي مسلسل تركي!، وكل العام ونحن المهطعين الرؤوس بألف خير. 

***

بقلم: ميلاد عمر المزوغي

 

في المثقف اليوم