أقلام حرة

الكتاب الكئيب!!

صادق السامرائيسيبويه له كتاب واحد هو "النحو" أثر في مسيرة الأجيال ولا يزال له صداه، وغيره لديهم عشرات وربما مئات الكتب ولا قيمة لها ولا دور في حياة معاصريه.

فهل فقد الكتاب قيمته ودوره في المجتمع؟

لدينا نزعة إندفاعية لا مثيل لها في أمم الدنيا لتأليف الكتب، ولا يجني منها أصحابها شيئا، بل يخسرون فيها، ولا تُباع منها نسخة واحدة، وكل ما يفعلونه أنهم يهدونها لأصدقائهم الذين لا يقرأونها.

فدور النشر ما عاد يهمها نوع الكتاب، بل تطبع لكل مَن يدفع لها ما يعينها على الربح وكفى.

زميلي منهمك بتأليف الكتب ويركنها في مرأب السيارة، وعندما أسأله لماذا تكتبها، يجيبني لكي يُقال عني خبير في المجال الفلاني الذي أكتب عنه كتبا.

وهو لا يجني منها ربحا ويهديني في كل مرة كتاب، وبصراحة لا أقرأه لأنه يكتب بآلية خالية من الأسلوب الجذاب والممتع، وإنما يكتب وحسب!!

والعديد من التي تسمى "كتبا"، لا قيمة لها ولا تأثير، من العنوان وصورة الغلاف، إلى ما تحتويه من ركام كلمات وعبارات لا تنفع ولا تطعم العقول، بل تصيبها بالغثيان من أول صفحة، مشحونة بالنرجسية والعبارات المنفرة للقراءة.

وتجد الكثير من المثقفين يبتعدون عن شراء الكتب، لفقدان الكتّاب القادرين على منح القارئ ما يرضي نهمه المعرفي وتطلعه إلى روائع الفكر والكلام.

فهل نكتب؟

وهل نقرأ؟

القراءة والكتابة متلازمتان، فلكي تكتب يجب أن تقرأ، لتتجدد وتتواصل مع مفردات زمانك ومكانك، وعندما لاتجد ما يُقرأ، تصاب الكتابة بالخواء والهزال، وتستحيل الكتب إلى ركام.

وهذا ما يحصل في واقع الأمة، منذ عقود، وأسهم في تخميدها معرفيا العديد من نخبها الذين جاروا عليها بما يضر ولا ينفع، من الرؤى والتصورات والمشاريع الخالية من الرصيد الواقعي الإنجازي، فتحول عطاء الأجيال إلى كلام في كتاب مركون على رفوف النسيان.

فهل ينفع الأمة طباعة الملايين من الكتب وأجيالها مرهونة بشاشة آنية الإطلاق؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم