أقلام حرة

لبيك اللهم لبيك..

راضي المترفيفي الطريق إلى الصمون وليس إلى عرفات وجدته يسير على مهل وبيده سعفة نخل يابسة وملابس هي خليط من ملابس الاحرام وملابس النوم واكسسوارات لا أجيد تعدادها برأس شاب فوديه وامتد الصلع على مساحات واسعة منه وجبين عليه ملامح البؤس وعينان استوطنهما الحزن والشرود وانفا خفضته الأيام وفم فاغر باحثا عن شيء اجهله. بعد أن تاملته طويلا وعجزت عن معرفة ما يريد عبرت الشارع ولم اجد زحاما على باب الفرن فاكتلت حمل (علاكه) وقفلت مسرورا إلى اهلي لكن ما ان عبرت الشارع عائدا حتى رأيته يسعى جاهدا لارتقاء تل قمامة يكاد ان يكون جبلا بسبب تقاعس السادة المسؤولين عن رفع الأنقاض من الشوارع فوقفت اراقبه. ارتقى أعلى القمة واتجه بجسمه نحو القبلة وغرز عصاه في الأنقاض واتكا عليها وصدح بصوت جهوري تخالطه مسحة حزن وبحة الم..

هناك.. هناك.. هناك

على صعيد عرفات

صعد بعض المسؤولين وحماياتهم واقربائهم وعوائلهم وأمهات زوجاتهم وبعض التجار والمرائين وطلاب السمعة والجاه وقلة من الصالحين ويصرخون الان وبعضهم صادقين..

لبيك اللهم لبيك

في الوقت الذي يمارس فيه هنا الخانعين خنوعهم والمنافقين تزلفهم والكاذبين تجارتهم وأولي الأمر صراعهم وتحاصصهم والمنكوبين بهم بكائهم والطامحين إلى تلبية ندائك وحج بيتك تضرعهم وحسرتهم مع انك قرنت التلبية بالاستطاعة

وبما انهم يقفون على أنقاض مدنهم بدلا من صعيد عرفاتك دعني البي بالنيابة عنهم لكن بما يجول في رؤوسهم وليس كما علمتهم..

نشكو إليك اللهم نشكو إليك

ضعف همتنا وتفرق كلمتنا وطول سكوتنا

وتسلط أعدائك واعدائنا وبعضهم من يقف

على صعيد عرفاتك هذا اليوم محاولين خداعك

- وحاشاك ان تخدع - وخداعنا..

نشكو إليك اللهم نشكو إليك

فقرنا وسوء حالنا وغمط حقوقنا وتكالب المسؤولين علينا واذلالنا ونعلمك جهرا وسرا اننا عجزنا عن تغيير ما في نفوسنا حتى تغير انت ما نحن فيه فارفق بنا واشفق علينا وازح من عصوك فينا وظلمونا عن كاهلنا

نشكو إليك اللهم نشكو إليك

ارتفاع سعر الدولار

واشتعال الأسعار

واختلاف الإطار والتيار

ولم أنتبه ان هناك من يردد خلفه.. اللهم امين.. اللهم امين

حتى صعد أحد الملثمين فدفعه عن قمة الجبل فتفرق الآخرين.

***

راضي المترفي

 

في المثقف اليوم