أقلام حرة

المتسول والحب

راضي المترفيفي زمن الملوك التقى متسولان عراقي وإيراني على الحدود قرب مندلي فتذاكرا وشكا أحدهم للآخر الشحة في الأموال وبخل من يملكونها وصعوبة العيش وقلة المورد وفي حديثهما كانوا على وئام واتفاق تام وهم يتكلمان عن أمور المعيشة في البلدين حتى ولجا حديث السياسة فاختلفا حد الاقتتال بعد أن اصر الشحاذ العراقي على ان ملك العراق أفضل من ملك إيران في الوقت الذي رفض فيه الشحاذ الإيراني الأمر معلنا أفضلية ملك إيران على ملك العراق وتطور الجدال حتى احتدم فأخرج كل منهما سكينا من كيس الشحاذة وتطاعنا ساعة من نهار حتى سقطا ميتين عند حدود بلديهما ومع انتشار أمر الحادثة وتندر الناس بها واستغرابهم من شحاذ لم يحصل من بلده ومليكه على معاش او سكن او حياة كريمة تحفظ له ماء وجهه واعتاد مد يده للناس في صباحات الأيام واماسيها يدفع حياته من أجل إثبات أفضلية مليكه على ملك بلد مجاور وعند الموت لم يهتم به الملك او البلد ولم يصغي حتى لسماع قصة موته رغم أن العالم سمع بها في حينها وأطلق أحد المجانين مقولة (ملكيين أكثر من الملك نفسه) فلاكتها الألسن في كل بقاع الأرض مدحا وشتما .. اتذكر هذا واضحك سخرية وازدراء ليس من غباء المتسولين اللذان قتلا نفسيهما حبا بملكين لايهتمان لهما وانما من غباء المتحزبين لطرفي النزاع وجدالهم وتشاتمهم على الفضائيات او صفحات الشبكة العنكبوتية في الوقت الذي يختلف طرفا النزاع علنا ويتفقان سرا من دون تضرر مصالحهما في الوقت الذي يموت فيه الشحاذون الجدد على حدود الطرفين من دون أن يؤبنهم طرف او يذكرهم ولو من بعيد .

***

راضي المترفي

في المثقف اليوم