أقلام حرة

ثقافة تمجيد القوة

ثامر الحاج امينيلجأ البعض الى استعارة القوة والتشبه بالبطل من خلال عرض صورته وهو يظهر الى جانب الأسد، وهي بالتأكيد ليست صورة حقيقية انما مصنوعة بطريقة الفوتوشوب، ومع احترامي لرغبة هؤلاء الظهور بالشكل الذي يتمنوه ولكن أرى ان هذا الفعل لا يخلو من أبعاد نفسية أبرزها الايحاء بقوة صاحب الصورة التي تتولد لدى المشاهد جراء انصهار الصورتين في مخيلته وطغيان قوة الاسد .

والتوجه الى ابراز القوة الموهومة واعادة انتاجها وتسويقها من جديد ليس ابتكارا حديثا انما يعود الى فترة بعيدة من الماضي، فقبل عدة قرون تم استخدام مثل هذا الايحاء لتمجيد القادة والزعماء والأولياء واستحضار قوتها وجبروتها في ذهن المتلقي من خلال ظهورها الى جانب الأسد، ذلك ان ثقافة تمجيد القوة واحترامها ومنذ زمن بعيد راسخة في عقل المواطن العربي على وجه التحديد فهو لا يميل الى احترام الطيبة ويعتبرها شكلا من اشكال الضعف حتى ان المفكر الفرنسي " غوستاف لوبون "  وقبل أكثر من قرن أشار في كتابه " سيكولوجية الجماهير " بقوله ( لم تظهر في شعوبنا جماهير متجهة نحو الزعماء الرحيمين والطيبي القلب، انما نحو المستبدين الذين سيطروا بقوة وبأس ) وقد لمسنا ذلك في التعامل مع الشقاوات وكيف كانوا يتمتعون بمكانة واحترام من قبل المجتمع وكانت قصص بطولاتهم وغزواتهم لا تنقطع عن احاديث الناس، وثقافة تمجيد القوة  في عقولنا يظهر في سلوكنا وفي احاديثنا اليومية إذ انك لا يمكن ان تذكر كلمة (حمار) الا وتسبقه عبارة (أجلكم الله) في حين لا تسبق كلامك هذه العبارة عندما تتحدث عن الأسد وهما كلاهما من صنف الحيوان مع العلم ان الأول حيوان وديع وأليف ويقدم خدمات كبيرة للإنسان، في حين الأسد حيوان مثير للقلق فهو مرعب ومفترس لا تشعر الى جانبه بالاطمئنان  ثم انه لا يقدم لنا اية خدمة ومع ذلك نحترمه في أحاديثنا ونمجده ونتشبه بقوته، وتظهر هذه الثقافة واضحة في تعاملنا اليومي فنحن اذا ما أردنا اهانة أحد ننعته بالحمار وعندما نريد ان نرفع من شأنه نصفه بالأسد . وحسب ما توصل اليه علم النفس الاجتماعي ان العوامل التي قامت على استقرار هذه الثقافة ــ احترام القوة ـــ وترسيخها عند الشعوب هي الوراثة والبيئة والرأي العام .

***

ثامر الحاج امين

في المثقف اليوم