أقلام حرة

قادة كتل واحزاب الاسلام السياسي الشيعة.. ليسوا شيعة!

قاسم حسين صالحتستهدف هذه المقالة تحليل سلوك وقيم قيادات كتل واحزاب الأسلام الشيعية في الطبقة السياسية العراقية، ومقارنة اخلاقهم وافعالهم بأشهر الفرق الشيعية، لأثبات بانهم ليسوا شيعة بمواصفات الحاكم التي حددها الأمام علي.. ولنبدأ بالخوارج.

تتعدد الروايات بخصوص موقف (الخوارج) من التحكيم، لكن المصادر الموضوعية تشير الى انهم خرجوا على الامام علي في حرب صفين لقبوله خدعة عمرو بن العاص الذي اشار على معاوية برفع المصاحف لحظة ادرك ان النصر في الحرب صارقريبا من جيش علي، فقالوا (لا حكم الا لله).. ما يعني ان (الخوارج الشيعة) كانوا أصحاب مبدأ، وانهم كانوا اكثر اخلاصا لتعاليم الاسلام كما يؤكد علماء اجتماع مثل ابن خلدون ونيكلسون.

وليس موضوعنا هنا عن الخوارج، ولا عن الرواية التي تقول بانهم رفضوا التحكيم بعد موافقة الامام علي فيما الرواية الاكثر موضوعية تؤكد ان قادة الخوارج (الطائي والسعدي) قالا للامام علي (تب من خطيئتك وارجع عن قضيتك واخرج بنا الى عدونا نقاتلهم).. وقصتهم طويله.

ما يهمنا هو ان المقارنة بين (الخوارج الشيعة) وقيادات كتل واحزاب الاسلام السياسي الشيعة تثبت أن الخوارج كانوا افضل من غالبية تلك القيادات في الأخلاص لتعاليم الأسلام، تؤكدها سيرتهم السياسية والشخصية عبر عشرين سنة من حكمهم العراق. واثبتوا عمليا أنهم بالضد من قيم الأمام علي الذي قال يوم تولى الخلافة (جئتكم بجلبابي هذا فان خرجت بغيره فأنا خائن).. ويعرف العراقيون بماذا جائوا، ويعرفون كيف صاروا، ويرونهم كيف يتصارعون الآن(2022) على من سيواصل الأستفراد بالسلطة والثروة ولا يعنيهم الأمام علي.. بل انه لو خرج لهم الآن مطالبا اياهم بالأصلاح لخيروه (وهم شيعته!) بين العودة من حيث أتى او القتال!.

ومقولتنا في العنوان اعلاه، ليست صحفية بل هي استنتاج لدراسة تناولت بالتحليل العلمي قيم الحاكم من منظار الأمام علي في العهد الذي كتبه لمالك الأشتر النخعي لمّا ولاّه مصر، هدف منها الى تحقيق ما توصل اليه علماء النفس المعاصرون في ثلاث قضايا اساسية:

الأولى: ان يتمثل الحاكم القيم الايجابية في شخصيته بوصفه القدوة التي تتماهى به الرعية وتقلده،

والثانية: توكيده ان القيم هي التي تحدد سلوك الحاكم مع الرعية، وهي التي تحدد موقف الرعية منه،

والثالثة: ان القيم هي الرابط او (الأسمنت) الذي يوحّد افراد المجتمع، وبدونها يتهرأ النسيج الاجتماعي وتشيع الكراهية والعنف والعدوان.

فضلا عن ان الأمام اراد لهذا العهد ان يكون وثيقة تستقى منها المباديء التي ينبغي على الحكّام ان يهتدوا بها في كل زمان ومكان.. وبالأخص الحكّام الذين هم شيعته.. فهل التزم بها من يدعون انهم احفاده واخلص شيعته؟

لقد اشترط الامام توافر (الضمير) لدى الحاكم.ومع تعدد معاني الضمير الذي يعني الرقيب على افعال الانسان، أو القاضي الذي يحكم بالعدل، أو صوت الله في الانسان، فانه في قيمة الانسان أمام الناس أشبه بفص عقيق في خاتم، اذا اخرجته منه صار لا يساوي شيئا، لأن صاحبه يصبح بلا قيم ولا أخلاق.ومع ان انعدام الضمير على أنواع، بينها انني اجريت في الثمانينات دراسة عن البغاء في العراق شملت (78) بغيا وقوادة، فسألت فتاة كانت جميلة معاتبا: لماذا تسلكين هذا الطريق؟ فأجابت محتجة: ولماذا تحاسبوننا؟ انها مهنة حالها حال أي مهنة أخرى!.. أي أنها ساوت بين مهنتها ومهنة الطبيب والصحافي وحتى القاضي!.

ومع قباحة كل الضمائر الميتة، فأن أقبحها هو خيانة الأمانة حين تكون هذه الأمانة تخص الناس. فعضو البرلمان، او المحافظ، أو المدير العام.. الشيعة، مؤتمن على أموال الناس ومصالحهم، وينبغي أن يكون ضميره خالصا لمن أئتمنوه. لكنك ترى صحفنا اليومية فيها كاريكاتورات ساخرة بمرارة عن وزير (شيعي) هرب بأموال الناس المساكين بما يعادل ميزانية موريتانيا، وموظف كبير (شيعي) يستحرم أخذ الرشوة في الدائرة لأنه صائم، ويطلب من الراشي ان يأتيه بالدبس الى بيته بعد الافطار!.. ورئيس وزراء يتباهى انه شيعي، يعلن ان لديه (ملفات فساد لو كشفها لأنقلب عاليها سافلها) ويصمت. ولك في ما تقوله الناس والصحافة عن أمثال هؤلاء ما يجعلك على يقين أن غالبية قيادات كتل واحزاب الاسلام الشيعية هم أصحاب ضمائر ميتة. ولا يعني ذلك أن نظراءهم السنّة والكرد.. اصحاب ضمائر حية، لكنهم أقل منهم، وانهم ما كانوا هم اول من افسد الضمائر.

- كتب هذا المقال قبل اقتحام المتظاهرين لمبنى البرلمان العراقي في (27 تموز 2022) ليثبت صحة رؤيتنا.. ان ما جاء فيه قد حصل! وبشكل مخجل، أغربها ان قائدا شيعيا حكم العراق ثمان سنوات، مسك سلاحه وتوجه مع حمايته باسلحة في وضع الأستعداد نحو جماهير شيعية اقتحموا مبنى البرلمان!

***

أ. د. قاسم حسين صالح

 

في المثقف اليوم