أقلام حرة

العرب أمة عالمة!!

صادق السامرائيالعرب لم يكونوا جهلة كما أمعنوا بإيهامنا، إنهم أمة ذات معارف وقدرات فكرية عالية، وهناك الكثير من الشواهد الآثارية، التي تشير لرقيهم وتقدمهم وفقا لمعطيات عصرهم.

وفي ذلك الزمان كانت التجارة ميدان النشاطات البشرية، والقوة المؤثرة في صناعة الحياة، وكانت لديهم حرفهم وأدواتهم، وغيرها من النشاطات القائمة آنذاك.

وما تركوه من إبداعات فكرية يشير إلى رقيهم، والدليل الأكبر على ذلك أن القرآن كتاب يخاطبهم مباشرة، وفهموه بلا وسيط، ويعرفون مفرداته، وتفاعلوا معه بنقد ومحاججة قوية، مما يدل على أنهم  ذوو فكر ومعارف ومستويات إدراكية راقية.

ومنهم رجالات مفوهوَّن، خطبهم لا زالت تتردد في الأمة، وأشعارهم وحكمهم وقصصهم ومآثرهم.

ولديهم تراث معرفي كبير ومتراكم وإن لم يكتبوه، يتناقلوه شفاهيا، وكانت مَلكة الحفظ عندهم متطورة ومؤثرة.

وجاءت دعوة الإسلام وهم في ذروة وعيهم الحضاري، ولهذا مكث بينهم النبي ثلاثة عشر سنة محاججا، ولو كانوا جهلة، لما إستمعوا إليه، ولا إحتملوه لبضعة أيام، أو أسابيع، وهذا دليل آخر على وعيهم وقدرتهم المعرفية ومهارتهم في مقارعة الحجة بالحجة، وتبرير ما يقومون به ويفندون ما يطرحه الدين الجديد، بمنطق ومهارة حوارية راقية.

إن المجتمعات الجاهلة الهمجية لا تتحاور، وهذه ظاهرة يغفلها الباحثون والدارسون، وينطلقون من أوهام أن العرب كانوا جهلة، وهي توصيفات شعوبية، أمعنت بها أقلام معادية للعرب منذ القرن الأول الهجري.

فهل سمعتم النبي يصف قومه بالهمج الرعاع؟

أم أنه كان يعزهم، وما أن دخلوا الإسلام حتى صاروا قادته، وقدمهم على أصحابه الذين سبقوهم في الإسلام.

وكلمة جاهلية لوصف السلوكيات التي ثار عليها الإسلام، وهي تفاعلات إجتماعية أعلن الإسلام بوضوح  رفضه لها، وحث الناس على تجاوزها لبلوغ أسمى المعاني الإنسانية.

ولو لم يكن العرب بمستوى حضاري متقدم، لما جاء القرآن بهذا الأسلوب العربي الفصيح، والذي تفاعلوا معه، وإستحضروا حججهم وأدلتهم للرد عليه وتفنيده، لكنه بحججه غلبهم، فأذعنوا لصوت العقل وإنتظموا تحت لوائه، إيمانا أو إذعانا، لأنه أصبح يمثل قوة العرب وإرادتهم الصاعدة.

فهل من رؤية معاصرة ومواجهة صريحة لطرد الضلال المعشعش في الوعي الجمعي؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم