أقلام حرة

على ضفاف ابي نؤاس

راضي المترفيامس كنت على أبي نؤاس والحمد لله ابو نؤاس قبل كان التواجد فيه شبهة يوصم بها كل من يمر من هناك ويتغامزه الاخرون بشرب الخمر واكل (المسكوف) لكن بعد فتح أبناء العم سام وحلول الديمقراطية في مضاربنا تاب ابو نؤاس الشارع وأصبح سائرا في (خط الحزب والثورة) عفوا سهوت قصدي أصبح صالحا لاخمر ولاسمك ولاسكر وعربدة واعتداء على المواطنين بعد أن سيطر بعض الصالحين على الوضع وانشاوا بارات وحانات وملاهي ومطاعم سمك وقاعات قمار تدر عليهم ربحا حلال وكسب وفير بعيدا عن رضا الله او غضبه في المنطقة المحصورة من الجسر المعلق جنوبا حتى السيدة كهرمانة وحراميتها شرقا ومن بلاط شهريار شمالا حتى جسر الطابقين جنوبا فتحول ابو نؤاس إلى اطلال بالية يمر بها الضال والمتعب والتائه ومن قصد سيد إدريس للزيارة ومن ذهب إلى حسينية الزوية للعزاء بوفاة مسؤول في السلطة او قريبا منها ومع اني ليس من هؤلاء جميعا كنت امس هناك وتحت وطأة الحر وملل الانتظار جلست تحت ظل شجرة عجوز لو كان لها أبناء لاودعوها دار المسنين في هذا الزمن وفي دقائق انتظاري الثقيلة شاركني المكان شخصا اظنه من أيتام أبي نؤاس فبادرته بالتحية ورد علي بإشارة من يده ثم دنا حتى جلس بقربي وبدأ يحدثني كأنني صديقه الحميم وشكا لي حيرته فسألته عن ماذا فقال:

. بلد كله عجائب وكل اهله كاذبون

. كيف عرفت ذلك؟

. اول كذبة اخبرونا في الابتدائية ان (العقل السليم في الجسم السليم) واغلب من أراهم اليوم ذا أجسام سليمة لكن بلا عقول .

. والثاني؟

. اختلف موسى وفرعون وعرفنا أن موسى كان على الحق وهكذا عيسى ومريم المجدلية ومحمد وكفار قريش وعلي والخوارج والحسين ويزيد .

. والان؟

. الان لا نعرف من يمثل الحسين ولا من يمثل يزيد .

. لماذا؟

. لانهم يغيرون جلودهم حسب الظروف ما ان تحسبه من مظهره حسيني حتى تكتشف أن جوهره يزيدي .

. ممكن توضيح؟

. نعم .. كان هدف الحسين الإصلاح وغايته الشرعية الان طرف يطالب بالإصلاح ومحاسبة الفاسدين وطرف يطالب بالإصلاح وحماية الشرعية لا الطرف الاول عنده برنامج إصلاح ووضعه أمام الأنظار وكشف أسماء الفاسدين وعرفنا بهم ولا الطرف الثاني بين لنا ماهي الشرعية التي يريد من الآخرين الدفاع عنها .

. وماذا ترى الحل؟

. في زمن نوح كان هناك من لا يستحقون الغرق اما الان فنحن لا نحتاج إلى سفينة وما على الرب الا ان يشير لفوهة تنوره العظيم ليطلق طوفانا ثاني لا يبقى ولايذر .

. وماذا بعد؟

. نظر بوجهي مليا ونفض يده واستوى قائما وقال: يبدو انك أيضا من عبدة الأصنام في جاهليتنا الثانية وذاب في الشارع المقفر .

***

راضي المترفي

في المثقف اليوم