أقلام حرة

الحكومة الأنتقالية.. هي المخرج للأنسداد السياسي والهدوء الشعبي

اياد الزهيريمنذ أنجاز الأنتخابات في الشهر العاشر في 2021 م ولحد الشهر السادس من سنة 2022 م لم يتفق الفرقاء السياسين على تشكيل حكومة عراقية جديدة تمثل ما ترشحت منه الأنتخابات الأخيرة، ولعمق الأزمة السياسية حتى أستقالة نواب التيار الصدري لم تساهم بأنفراج الوضع، بل زادته سوءً وضبابية، وجعلت الوضع ينبأ عن أنفجار سياسي لا يُحمد عقباه، مما جعل البلد على كف عفريت . مما لاشك فيه أن حجم الخلاف الشديد والخصومة المستديمة بين بعض أطراف الكتلة الشيعة، وبالتحديد بين التيار الصدري والأطار التنسيقي تعطل اتمام تشكيل الحكومة طيلة هذا الزمن وهذا ينم عن خلاف عميق ومستحكم لا يقدر احد أطرافه بالأنفاك منه، وهذا بحد ذاته يُعتبر أنتكاسه في عالم السياسة وذلك بفعل أستحكام النزعات النفسية والشخصية في المواقف السياسية لدى رؤساء هذه الأطراف، وهذه صورة من صور النكوص السياسي الذي يتمتع به الكثير منهم . الآن وبعد أستقالة التيار الصدري من البرلمان والتي هي الأخرى خضعت لمزاج شخصي وعبرت عن سلوك سياسي غير مسؤول، لأن التمثيل الشعبي هو أمانه بعنق النائب ويمثل ارادت الناس وليس أرادة شخص السيد مقتدى الصدر، كما أن الصدرين بأمكانهم أن يبقوا كمعارضين في البرلمان، وهذا هو المعتاد في كل البرلمانات بالعالم، جعل البلد في مهب الريح، وفتحت المجال لكل الأحتمالات الغير مسرة، ولكن يبدو الديمقراطية في العراق لها أعرافها الخاصة حتى أنها حيرت خبراء السياسة وجعلتهم حيارى بأي خانه وأي صنف يصنفوها، وبأي فلسفة يسموها.

الوضع في العراق اليوم شبه مشلول، والكل يترقب ماذا سيحدث، وكيف الأمور ستسير، والأيام حبلى بالمفاجأت، والذي يزيد الأمر سوءاً هو ما تقوم به بعض القنوات التلفزيونية بالتحديد من شحن للشارع العراقي، والدفع بأتجاه الصراع والفوضى، وهناك ما يرغب بذلك داخلياً وأقليمياً ودولياً . أذن ما العمل، هل تُترك الدولة تنهار وتعم الفوضى ويتقسم الوطن، أم الخروج بحل يخرج البلد من أزمته الخانقة، وأن الحل يمكن أن يكون في تشكيل حكومة أنتقالية من المستقلين ذوي الخبرة والدراية والأخلاص والنزاهة، أو من سياسين خبروا الساحة العراقية وعاشوا كل مطبات العملية السياسة، ومتفق عليهم من الجميع بتشكيل حكومة أنتقالية لا تقل عن سنتين ولا تزيد عن ثلاثة سنوات،تعمل هذه الحكومة على أعادة وترتيب مؤسسات الدولة والأعداد لأنتخابات مستقبلية على أسس صحيحة لا يُظلم بها أحد من المتقدمين للترشيح سواء فرد أم حزب سياسي. هذة الفترة ستكون كفترة نقاهة للكتل السياسة العراقية، ولرجالاتها المتعبين، وتعطيهم الفرصة للمراجعة وتنظيم أمورهم والنظر في مواقفهم السابقة، والمصارحة مع أنفسهم، وهي فترة تجعلهم في حالة أسترخاء وتهدءه للنفوس المشحونة بالتدافع العنيف فيما بينهم، ولا شك ستعطيهم فرصة ذهبية لتنضيج أفكارهم السياسية، وأعادة تنظيم أولوياتهم . كما يمكن أن تعطي الفرصة للوساطات أن تُقيم لقاءات الود بينهم، وتذويب جبال الجليد فيما بين البعض، وأطفاء الحرائق فيما بين البعض الآخر . المشكلة القائمة اليوم بين الفرقاء السياسين العراقيين أن أختلافاتهم تتسم بالعنف اللفظي الحاد، وهو ما يزيد الفجوة بينهم، ويوتر العلاقات فيما بينهم، ويُعدم كل فرصة للقاء بينهم، لذلك أبعاد فرص اللقاء بينهم الآن أصبح بحكم الواجب، لأن الكل في حالة غليان وتعصب في المواقف، مما لا يجعل بالأفق أمل بتشكيل حكومة متفق عليها، وأن شكلوها فستكون حكومة هزيلة لا تفي بالغرض المطلوب ولم تداوي جرحا، ولا ترفع حملاً عن كاهل الشعب المتعب .

هذه الحكومة الأنتقالية سوف لا تدخل في خصومة مع أحد، ولا تنحاز لطرف دون طرف، ويمكنني أن أُسميها حكومة أطفاء حرائق،وبناء . أن ضرورة تشكيل هكذا حكومة من الأهمية بمكان، والحاجة أليها أكثر من أي وقت مضى، لأن تشكيل الأطار مع الأطراف الآخرى سيجعل الأطار في موقف لا يُحسد عليه، وهو أنه سيكون بين مطرقة مسعود وسندان الحلبوسي، ويتعرض لأبتزاز شديد من قبلهم، خاصة وأنهم يحملون مطالب تعجيزية، تتعلق بالعفو عن الأرهابين، وأرجاع شخصيات مطلوبة للقضاء مما يزيد من سخونة الشارع العراقي وخاصة أهل الشهداء والمغدور بهم، مما يجعل الأطار في حرج شديد، يسقطه بالتالي جمهوره الذي أنتخبه، كما أن مسعود يُريد تطبيق مادة 140 لأنتزاع أراضي أخرى لصالح الأقليم وخاصة كركوك، كما يُريد أعفاءه من ألتزاماته في مجال أنتاج وتصدير النفط، وغض النظر عن رسوم المنافذ الحدودية، وهذا ما لا يستطيع تنفيذها لا الأطار ولا حتى التيار، لأن الرضوخ لهكذا مطالب يعني السقوط النهائي لكل من يسمح بها، وأنهاء لتاريخه السياسي، الذي لا أظن يسمحون لأنفسهم به، في حين أن الحكومة الأنتقالية لا تستطيع كل الأطراف ان يبتزها أو يجبرها على مواقف تعتبرها غير دستورية. أن تشكيل الحكومة الأنتقالية في هذه الفترة ضرورة ملحة للكتل السياسية وللشعب العراقي لكي يتنفس الجميع الصعداء .

***

أياد الزهيري

 

في المثقف اليوم