أقلام حرة

السير في المجهول

راضي المترفيايام حكم النظام السابق كان أهل الداخل لا يعرفون عن أهل الجوادر عذرا أهل المنافي شيئا حيث ينشغلون بأمور معيشتهم الصعبة ومحنتهم مع الرفاق وجيش القدس وخدمة الاحتياط أم الشهرين بعد أن خفف عنهم برنامج النفط مقابل الغذاء بعض معاناتهم مع النوى والنخالة وخبز الشعير في الوقت الذي ينشغل به الهاربون إلى مدن الغربة مثلهم بامورهم المعاشية ولم تتعدى المهن التي زاولوها هناك عن الأعمال البسيطة ومن كانوا في دول الجوار كانت أعمالهم تأتي تبعا لرغبة الدولة المستضيفة لهم مع اشتراط التحول بولائهم للدولة التي يعيشون فيها فمن كانوا في إيران كان أغلبهم ينخرط في جيش يحمل السلاح مستعدا لخوض الحرب ضد حكومة بلده تحت إمرة قيادة الدولة التي يعيش على أرضها تمهيدا لقيام هذه الدولة لإسقاط النظام القائم في بغداد لحساب الدولة المضيفة وليس لحساب الهاربين إليها من جحيم ذلك النظام وهكذا الحال في السعودية وسوريا وتركيا والأردن لكن باختلاف الطريقة وقد لا تكون حمل سلاح لكنها في العموم محاربة النظام لمصلحة الدولة التي انت فيها ولقلة ماتمنحه تلك الدولة من أموال لاتسد الرمق مارس بعضهم أعمالا إضافية كسواق سيارات أجرة أو بائعوا هدايا قرب الأضرحة ومنهم من مارس التزوير والتهريب والاتجار بالممنوعات أما من حملتهم اقدارهم إلى دول بعيدة وخصوصا في أوربا فلم تكن تلك الدول على خلاف مع النظام في العراق وليس بينها وبينه حالة حرب وعلى هذا الأساس تعاملت مع الوافدين إليها تحت عناوين الهاربين من الحروب في بلدانهم فلم تجندهم لمصلحتها ولم تضغط بهم على النظام وسمحت لهم بالعمل في المرافق الخدمية العامة والخاصة فعملوا في الفنادق والبارات والمطاعم والمقاهي وغيرها وعندما احتاجت أمريكا بعد طرد جيش النظام من الكويت إلى أطر قانونية تتماشى مع الشرعية الدولية لتتمكن من خلالها اسقاط النظام بطريقة مقبولة واحتلال العراق حولتهم إلى معارضة وأضفت عليهم الصفة الرسمية وطلبت من البارزين فيهم ومن كانوا يقيمون هناك تشكيل أحزاب وعقدت لهم المؤتمرات ورعتها وجعلت منهم كيان منظور (المعارضة العراقية ) بعد أن كانوا شتات ووفرت لهم الوسائل الإعلامية فعرف عراقيو الداخل.. الجلبي.. علاوي.. الحكيم وغيرهم واستمر العمل حتى وفرت أمريكا لنفسها فرصة احتلال العراق وتدميره المتكون من مرحلتين وتتمثل الأولى بدخولها العراق وإسقاط الحكم وتخريب كل مايمت للدولة بصلة ومن ثم تخريب النفوس وايقاظ الفتن وإشعال حروب طائفية ومذهبية وقومية والوقوف خلف كل الأطراف المتحاربة على حد سواء وتمثلت المرحلة الثانية بخروجها مع ضمان استمرار التخريب فاوكلت المهمة للشتات الذي جمعته هناك واتت به بعد اسقاط النظام السابق واطلقت يده بالاستحواذ على السلطة والمال العام وخيرات البلد وها نحن وصلنا للمرحلة التي تعرف بها أمريكا لكنها لم تخطط لها وهي وصول شتاتها المستولي برغبتها على كل امور البلد إلى الخلاف ونقطة اللاعودة مما يجعل العراق يسير في المجهول وليس هناك من يستطيع توقع نهاية هذا المجهول حتى أمريكا وشتاتها المتناحر حد الاقتتال.

***

راضي المترفي

في المثقف اليوم