أقلام حرة

سيف المعتصم لا ينثلم!!

صادق السامرائيربما يكون المأمون قد مات كمدا لأنه فشل في القضاء على الحركة الخرمية التي كانت تهدد الدولة العباسية، ولهذا لم يعهد لإبنه العباس بالولاية، وإستدعى أخاه المعتصم وعهد إليه بها وأوصاه.

فالمعتصم سيف دولة بني العباس الذي لا يُقهر، وما أن تسنم القيادة حتى إنطلق بإرسال الحملات ومتابعتها وإدامة إقتدارها وتمويلها، فقضى على الحركة الخرمية وأحضر بابك الخرمي وأخاه إلى سامراء وأعدمهما.

ونشأ مقاتلا متمكنا من فنون الفروسية والقتال، فكان يضع الخطط العسكرية للحملات ومعظمها تكلل بالنجاح، ويحرص على متابعة سير المعارك بأسرع ما يمكن في ذلك الوقت، فبريده متواصل وفقا لآليات زمانه، التي كان الحصان يلعب الدور الأساسي فيها.

وبعد أن قضى على الحركة الخرمية، جهز حملته المعروفة لفتح عمورية، وتآمر عليه إبن المأمون العباس الذي إستفحلت مؤامرته أثناء الحملة، مما أعاق تقدمه نحو القسطنطينية، وإنبرى للقضاء على المؤامرة، التي أدت إلى مقتل العباس وإخوته،  وعدد من القادة المتحالفين معه للقضاء على المعتصم.

وبعدها مؤامرة الأفشين، وكان قاضيه (أحمد بن داود)، الذي أوصاه المأمون بإتباع ما يراه ويقرره، والذي لعب دورا كبيرا في عدد من الأزمات التي قضت على قادة وأمراء وأفذاذ أمة، فتمادى بإمتحان الناس في موضوع (خلق القرآن).

فحياة المعتصم في سامراء مشحونة بالحروب المستعرة، للحفاظ على الدولة العباسية المترامية الأطراف، وإعتماده على الأتراك وإبعاده العرب  تسبب بإضطرابات في أرجاء الدولة.

والحركات ضد الدولة العباسية في زمانه يمكن تلخيصها بالآتي: "الحركة الخرمية، مؤامرة العباس بن المأمون، مؤامرة الأفشين، حركة الزنج، تمرد الزط، تمرد جعفر الكردي، خروج المبرقع اليماني، تمرد عدد من القبائل العربية، إضطرابات في أرمينية وأذربيجان، فتن الخوارج وغيرها"

والمشكلة التي واجهت الدولة العباسية إنطلقت حال بدء الصراع بين الأمين والمأمون، فاستغلت العديد من الفئات الحالة وحاولت الإنشقاق على الدولة العباسية، وكان المأمون منهمكا بالعلوم والإجتهاد في إعتناق مذهب المعتزلة، وإثارته لمحنة خلق القرآن، وفي أواخر عهده صار يقود الجيوش بنفسه، فوافته المنية في  حملته ضد الخرمية ودفن في مدينة طرطوس.

وحقق المعتصم إنجازات لصالح الدولة وتأمين قوتها، وتوفى مبكرا، فلم يمضِ في (س ر مَن رأى) أكثر من (5) سنوات (222 - 227) هجرية، لكنه أطلق جذوة مرحلة جديدة، تسببت بتداعيات متلاحقة،  لأن الأتراك تسلطوا على مصير الخلفاء من بعده والذين جميعهم من نسله.

فهل خطر على بال هارون الرشيد أن المعتصم سيكون خليفة؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم