أقلام حرة

الارهاب بعيدا عن المؤامرة

ثامر الحاج امينالإرهاب  كان وما يزال من اخطر التحديات التي يواجهها حاضر المجتمعات ومستقبلها، وهو ليس فقط لا دين له، بل ايضا لا هوية زمانية له، فمن يعتقد ان الارهاب صناعة حديثة جاءت به المؤامرة الدولية فهو قاصر الفهم لمسيرة تاريخنا الغارق بالدسائس والقتل الأرعن والصراع على السلطة والجاه والمنافع، فكتب التاريخ تذكر لنا العديد من الشواهد المرعبة والمقززة والمخجلة التي تُصنف في خانة الارهاب، تخيل بشاعة هذه الصورة، انه في عيد الأضحى من عام 120 هـ وقف والي الكوفة خالد بن عبدالله القسري على المنبر خطيبا، فقال مفتخراً: أيها الناس اذهبوا وضحّوا بضحاياكم، تقبل الله منا ومنكم، أما أنا فإني مضحّ اليوم بالجعد بن درهم، فانه يقول: ما كلم الله موسى تكليماّ، ولا اتخذ خليلاً، تعالى الله عمّا يقول علواً كبيرا، ثم نزل وذبح الجعد كما تذبح الشياه على جانب المنبر. او عندما يقوم الحجاج بسجن أحد معارضيه ويمنع عنه الطعام وبعدها يرسل عليه كلابه لتنهشه حتى يموت، كل هذه الصور المرعبة هي من ارهاب نعيش حلقاته منذ اكثر من ألف عام وكان الأقدمون يتفننون في ارهاب خصومهم وشمل ذلك حتى اسماء السجون فالحجاج مثلا يختار لأحد سجونه اسم (المطبق) وهو سجن تحت الأرض وسمي بذلك لأنه يطبق على المسجون فيحول بينه وبين رؤية النور وبعد اكثر من ألف عام يأتي صدام و يطلق على أحد سجونه اسم الحوت دلالة على ابتلاع الداخل اليه، وكذلك استخدموا الشمس وسيلة لإرهاب الخصوم سموها بالتشميس وهي كتف المعارض بالحديد والقاءه في الشمس الحارقة وتركه على هذا الحال لساعات غير محدودة، وتكفي قراءة لكتاب (موسوعة العذاب) لمؤلفه عبود الشالجي ليرى القارئ صور الأنتهاكات الوحشية والقسوة المفرطة التي مارستها السلطات والغزاة على حد سواء بحق الانسان وكرامته، والارهاب أضحى ظاهرة عالمية لا ينحصر في قومية او ديانة او ايدولوجية محددة انما هذه العناوين وبكل تفرعاتها وفي أزمنة مختلفة مارست الارهاب بحق شعوبها وشعوب البلدان الاخرى وكثير من حكومات الدول مارست الارهاب بحق شعوبها ممثلا في القتل الغاشم للمدنيين الابرياء وما أكثر الابرياء في عالمنا الذين ذهبوا ضحايا العنف الأهوج سواء من الحكومات او من العصابات التي ترعرعت في ظلها بسبب الضعف والتردد في مواجهتها.

***

ثامر الحاج امين

في المثقف اليوم