أقلام حرة

حكم قراقوش.. الواقع والافتراء

ثامر الحاج امينكثيرة هي المصطلحات والعبارات التي نتداولها في حياتنا اليومية من دون معرفة حقيقتها واصولها التاريخية وكذلك الاسباب وراء انتشارها في التعامل والتخاطب كمسلمّات غير قابلة للمراجعة، ومنها تشبيه قرار الحكم الذي ينطوي على مفارقة غريبة غير عادلة بـ (حكم قراقوش) والمنسوب له هذا الحكم هو  "بهاء الدين قراقوش " كان وزيراً ومساعدا لصلاح الدين الأيوبي في مصر طيلة ثلاثين عاما وتنسب اليه انجازات ادارية كبيرة ومنها اصلاحات في نظم الري والتعليم والضرائب وكان مشهورا بصبره وجلده وعزيمته وهو ما جعل الأيوبي يترك له تدبير امور مصر حين يغيب عنها، وابرز انجاز له ظل شاخصا الى اليوم هو قيامه ببناء قلعة الجبل ــ قلعة صلاح الدين ــ ولكن اسباب كراهية الناس لقراقوش والصاق صفة الطاغية الأحمق به ونسب اليه مالم يفعله هو قيامه ببناء السور الذي يحيط بالقاهرة والجيزة عن طريق السخرة الذي انهك به اجساد الفقراء حيث حشد لإنجاز هذا المشروع الآلاف من عامة الشعب الذين قاموا بتقطيع الحجر في صحراء الهرم، الأمر الذي تسبب له بكراهية الناس، وقد يكون وراء حملة الصاق الحماقة به دوافع مذهبية  فينسب اليه انه حول مصر من المذهب الشيعي الى المذهب السني او تكون دوافع سياسية وراءها الوزير "اسعد بن مماتي" الذي كان منافسا لقراقوش ولم ينل الحظوة عند الأيوبي مثل التي نالها الاخير وقد وصلت الغيرة بمماتي انه ألف كتابا (الفاشوش في حكم قراقوش) ضم عددا من الحماقات نسبها الى قراقوش ويذكرُ في واحدة منها : ان جنديا نزل في مركب، وكان به فلاح وزوجته وهي حامل في سبعة أشهر فصدمها الجندي وأسقط حملها، فاخذ زوجها بتلابيبه وقاده الى قراقوش، فقضى على الجندي ان يأخذ الزوجة ويطعمها ويكسوها ولا يعيدها الى زوجها الا وهي حامل في سبعة أشهر . وما يفضح كذب هذه الحكاية هي ان قراقوش لم يكن قاضيا لكي يحكم في مثل هذه الحوادث بل ان من يراجع تاريخ وانجازات وعقلية قراقوش يجد نفسه من الصعب عليه ان يصدق ما نسب اليه من حماقات ولكن هذه السياسة كما قيل عنها انها تخلق عداوات حقيقية وصداقات وهمية .

***

 ثامر الحاج امين

في المثقف اليوم