أقلام حرة

لا يضيع حق وراءه مطالب!!

صادق السامرائيلغة التأريخ ذات مفردات حكيمة وأدلة قاطعة، وما يكتبه التأريخ بأحداثه أصدق من التدوينات والتصورات والتحليلات والتفسيرات والتأويلات، فالأحداث تتكلم بلغة الحقائق الكونية والقوانين الفاعلة في الوجود من أقصاه إلى أقصاه.

التأريخ يحدثنا بوضوح وبمنطق حاسم جازم، على أن الحق يعود لأصحابه مهما توهم المتوهمون، وعامل الزمن وإن طال فهو قصير في حسابات الزمن الكوني الذي تعجز حواسنا عن تصوره.

فالكوني هو الفاعل فينا والأرضي حالة إعتراضية لاقيمة لها في المضبطة الكونية.

ولهذا فمغتصبوا الحقوق مهما إمتلكوا من قوة وعبّروا عن عنفوان وعدوان وشراسة وبطش، فأن الحق سيعود إلى أصحابه، فحالما تقترب عقارب ساعة الأكوان من ميعادها، فكل شيئ يتهاوى كالعصف المأكول، وتجد الضعيف قويا والقوي ضعيفا، وما أستلب سيعود رغم أهوال السلوك.

وفي واقع الأمر أن المغتصب يعيش حالة رعب وإضطراب تتراكم مع الأيام، فتزعزع إرادته وتأكل كيانه، فيتهاوى مرجوما بما إقترفه من إجرام وعدوان.

إنها قوانين فاعلة في المخلوقات والموجودات، فلكل فعل ردة فعل تساويه في المقدار وتعاكسه في الإتجاه، ومقدار العنفوان الموجه ضد أية حالة يولد طاقات كامنة فيها مؤهلة لردة فعل قد تتفوق على الفعل الواقع عليها.

والتأريخ فيه قصص وأمثلة كثيرة تشير إلى أن المعتدي ينتهي إلى مآلٍ شديد، فلا توجد قوة معتدية  ظفرت بما أرادت وتوطنت الحالة المستلبة إلى زمن طوبل، إذ تتسلط عليها قِوى تتكاثف من حولها فتزيحها وتسحقها وتمحقها تماما.

بل تتولد فيها طاقة مضادة لها لتنخرها وتعدها للإنهيار المرير، كما حصل لقوى سابقة في الدنيا حاولت أن تمحق وجودا أصيلا، فانهارت بعد حين وعاد الأصيل إلى جوهره الناصع.

هذه معادلات وقوانين لا قدرة للبشر على الإنتصار عليها وتجاهلها، لأنها أحد لبنات الوجود السرمد الذي تتحقق فيه التفاعلات بمقدار دقيق، وتمضي على خط مستقيم داخل محيط دائرة أزلي وأبدي المنطلقات.

فهل لنا أن نؤمن بأن حقوقنا ستعود إلينا ما دامت الأجيال تنادي بها!!

***

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم